حوارات

الشاعرة نعمة كركرة: أسير ببطء امرأة اعتادت الوصول المتأخر…

السقيفة الليبية (حوار/ حنان علي كابو):

الشاعرة الليبية نعمة كركرة (الصورة: عن السقيفة الليبية)

”لن تصنع منك القراءة شاعرًا أبدًا“… ”خسرت العديد من القصائد التي كان عليها أن تكون أكثر الحاحًا عليّ“… ”الغياب يثير الشعر ويجبره على الحضور“…

تكتب بطريقة مختلفة، بنص قوي، يعرف جيدا مفرداته وأدواته، هي طبيبة وشاعرة وناشطة مدنية، لها بصمتها الخاصة والمميزة في الكتابة الجسورة التي لا تعرف المهادنة والمراوغة. تحب الشعر الذي لا يتبع أحدا، “وتسير ببطء امرأة أعتادت الوصول المتأخر“، تأسرها مزاجية الشعر، كسله، إلحاحه.. وعلى صوت القذائف والقصف، في خضم الامتحانات، وأثناء القيادة كان رفيقها المخلص…

حول الشعر وتجربتها، والوقوف قليلا على محيط نصها الشعري كان هذا الحوار….

> هل تعثرت بالشعر، أم هو الذي تتبعك؟

● إن الشعر الذي أحبه لا يتتبع أحدًا أبدًا يسير ببطء دون أن يثير الانتباه لهذا يتجاوزه الكثيرون في طريقهم نحو الكتابة، قلة هم المحظوظين كفاية ليتعثروا به.. أما أنا فقد كنت أقل حظاً منهم وكنت “أسير ببطء امرأة اعتادت الوصول المتأخر”* لهذا تعثر بي.

“الحب؛ ان أتفقد طقس مدينة لا أسكنها كل صباح“.

> مزاجية الشعر وطقوسه في حياة نعمة؟

● أحب مزاجية الشعر، الحاحه، كسله، حين يأتي وحين يذهب ومتصالحة معه فلم اجبره يومًا على المجيء، لذلك لا أمتلك طقوسًا لكتابته ولا اعرف متى سوف تباغتني القصيدة وكيف! أحب الشعور بمجيئها وهي حرة حتى مني ومن رغبتي بها. كتبت الشعر على صوت القصف والقذائف وفي ايام الامتحانات وفي السيارة، كتبته وأنا منهارة وأنا سعيدة وأنا قلقة، كتبته في وقت لم أكن أملك فيه وقتًا ولكن مزاجية الشعر ليست وحيدة في هذه العلاقة فأنا أيضًا انسانة مزاجية جدًا ولهذا السبب خسرت العديد من القصائد التي كان عليها أن تكون أكثر الحاحًا عليّ حتى تجبرني على كتابتها مثل غيرها.

< تملكين ادواتك جيدا، تأخذين النص إلى مرافئ لم تطأها إلا اشرعتك كيف تسنى لك ذلك؟

● وهل تسنى لي ذلك حقًا؟ لا أعرف ولكنني أحاول أن أكتب القصيدة كما تريد نفسها فلا أزخرفها ولا أقوم بتعديلها أكتبها كما جاءت دفعة واحدة، بالإضافة إلى أنني لست قارئة نهمة لهذا أمتلك اسلوبًا ومفردات وصور شعرية تخصني وحدي ودائمًا ماكنت انزعج من ربط البعض الكتابة بالقراءة خاصة في الشعر فقد تصنع منك القراءة كاتبًا أو روائيًا ولكن في الغالب لن يكون لك أسلوبًا خاصًا وسوف تتأثر شئت أم أبيت، اعترفت او انكرت ببعض الكتّاب وسينعكس ذلك في كتاباتك، ومع ذلك لن تصنع منك القراءة شاعرًا أبدًا وهذه وجهة نظري الخاصة.

> اي مدن الشعر تسكنك؟

● تلك التي لا يسكنها سواي.

< تدقين نعش موتك كل ليلة رأس السنة، لماذا تحديدا؟

● لدي عادة اكتسبتها من سنوات وهي ان اي شيء اردت التخلص منه ولم استطع ذلك لأي سبب، كنت اختار رأس السنة لأفعلها وقتل اي شعور له في داخلي داخلها، فبينما يحتفل الناس بها أملأها أنا بموت الأشياء والأشخاص. أما عن الموت فعلاقتي به غير مفهومة منذ طفولتي وهو موجود ويتكرر في قصائدي بِصورة واحدة أو في صورة موتي.

< تدفعين رسوم ثلاثة احزان.. خيبتان.. نوبة بكاء دون صوت.. هل تمكن الشعر من ترجمة انكسار الروح؟

● نعم إلى حد كبير، ولكن هناك انكسارات لا يترجمها شي ومع ذلك ما زلنا نحاول أن نترجمها من خلاله ولن نيأس حتى ولو جاءت غير دقيقة يكفي أن تكون صادقة وتعبر عنها أو عن جزء منها.

< تغسلين وجهك بأية موسيقى؟

● بكل أنواع الموسيقى، أميل للموسيقى الشرقية الطربية ولكني استمع واستمتع بالأغاني والمعزوفات الغربية، فلا يمر يوم عليّ بدون موسيقى حتى أنني قلت في نهاية احدى قصائدي:

“وحتى لا تقطع اي منا

علاقتها بربها طويلًا

تؤخر أمي صلاة العشاء

وتصلي الفجر حاضرًا

بينما استمع أنا

للموسيقى طوال اليوم”

< متى ترحل الأسئلة؟ وأيها يؤرقك؟ وماذا فعلت بك بعد رحيلها؟

● غالبًا لا ترحل الأسئلة من تلقاء نفسها خاصة اذا ما وجدت شخصًا يمنحها متعة التفكير فيها ولذة تفكيكها كأحجية، اذ لابد أن تأتي اسئلة جديدة تدفعها للرحيل سواء كانت هذه الاسئلة وليدة نفسها أو من رحم تلك التي سبقتها إليّ، لذلك لا يؤثر فيّ رحيلها إلا نادرًا فبعضها أعرف انه سيعود صاخبًا. وعلى عكس الاسئلة التي لا تمنحني اجابتها تؤرقني الاسئلة التي أعرف اجابتها وأرفض تصديقها.

> تعال أحبك فهذه الحرب لن تنتهي.. هل الحب يصلح كل شيء، ماذا عن الشعر؟

● نعم، الحب له قدرة على اصلاح كل شيء بطريقة غير مفهومة وغير منطقية بالمرة، واذا عجز عن ذلك نادرًا فهو يمنحنا القدرة على تقبلها أو يغير ردة فعلنا اتجاهها. أما الشعر فعلى رغم جماله وعذوبته وقدراته التي تذهلني لا أراه قادرًا على اصلاح الأشياء وإن كان كذلك فلم أصل إليها أو إلى الشعور بها بعد.

< يضحكني الفراغ واغادر دون وجهي حين يأتي الجميع.. اي مرارة يخلفها الغياب؟

● على حسب الغياب، فبعضها يخلف مرارة لا تُحتمل والأخر لا يُخلف شيئًا، لكن الغياب عادة ما يثير الشعر ويجبره على الحضور.

< أمسيات قليلة وحضور قوي، متى نرى باكورة نتاجك؟

● لم أفكر يومًا في النشر بشكل جدي، فعلى الرغم من كل التشجيع والتحفيز عليه من قبل العديد من الشعراء وبعض النقاد لم أشعر بالرغبة في ذلك ربما لم يحن الوقت بعد.

< تاناروت حلم مستقطع.. ماذا تحمل له ذاكرتك؟

● في 2017 وبعد أن اضطر تاناروت لتعليق انشطته وتغير مقره بسبب بعض المضايقات قلت عنه “الأزرق الذي غرقنا فيه لننجو؛ سيعود بنا كالموج الهادر” وحتى في هذه الأزمة أؤمن بعودته قريبًا…

كنت أذيب النجوم

في كأسك نجمة نجمة

وها أنا اتحمل كره الليل وحدي

> هل الليل مدعاة للحنين ام….؟

● الليل مدعاة لكل شيء الحنين، القلق، الرغبة ومناجاة لكل شيء أيضًا.

ك طفل

ينتظر صباح العيد

انام كل ليلة

بقلب مفتوح

> أشرعة القلب ماذا فعلت بك؟

● هههههه أحببت اسئلتك الذكية والنابعة من تفاصيل نصوصي وومضاتي. أشرعة قلبي مفتوحة وقلبي سفينة مغامرة والرياح لطالما كانت قوية لكنني ربانة سيئة.

> كناشطة مدنية لماذا هذا التعثر والتذبذب لدى مؤسسات المجتمع المدني، اين يكمن الخلل برأيك؟

● الخلل يكمن في عمل كل مؤسسة بشكل فردي ومنغلق على نفسه فلا يوجد مؤسسات مجتمع مدني متماسكة ومترابطة ببعضها قادرة على عمل نشاطات مدنية قوية على مستوى عالي وحراك مدني مؤثر وناجح، فنحن مازلنا في مرحلة تأسيس مجتمع مدني عبر هذه المؤسسات وهذه المرحلة لا تحتمل التنافسية -ولن أقول الأنانية رغم صدق الكلمة- بقدر حاجتها إلى تكاثف الجهود. إضافة إلى أن المؤمنين بأهمية الحراك المدني يشكلون قلة مِن مَن يعملون ويتطوعون ضمن هذه المؤسسات.


#السقيفة_الليبية، الجمعة 19 فبراير 2021

مقالات ذات علاقة

عائدة الكبتي, أول مذيعة ليبية في تلفزيون الاستقلال, تتحدث بعد غياب

يونس شعبان الفنادي

الصديق بودوارة: لكي تكون لديك رواية يجب أن يكون لديك وطن

خلود الفلاح

عائشة ادريس المغربي: أتجاوز بسرعة ما أكتبه

المشرف العام

اترك تعليق