متابعات

موعد ثقافي جديد مع “شمس على نوافذ مغلقة”

وسط حضور جماهيري غير مسبوق من الشباب اكتظت به قاعة عبدالمنعم بن ناجي بدار حسن الفقيه حسن وممراتها افتتحت مساء الثلاثاء الماضي الأحتفالية التي أقامتها مؤسسة أريتي للثقافة والفنون بالتعاون مع الجمعية الليبية للآداب والفنون بأستضافة من جهاز إدارة المدن التاريخية لتقديم كتاب “شمس على نوافذ مغلقة” الصادر مؤخرا والذي يضم بين دفتيه مختارات من أعمال الشباب الأدبية في ليبيا اليوم.

احتفالية كتاب شمس على نوافذ مغلقة.
الصورة: عن صفحة الجمعية الليبية للآداب والفنون.

الأستاذ ابراهيم حميدان رئيس الجمعية الليبية هو الذي دشن الأحتفالية بكلمة قصيرة أشاد من خلالها بمجهودات المشرفين على هذه الفعالية ونوه بسعيهم الذي توج بطباعة هذا الكتاب التوثيقي الهام وشكر كل من أسهم في تحقيق هذا الإنجاز الثقافي وتمنى ألا يكون الأخير وتتبعه إصدارات أخرى وفعاليات تحد من حالة الأنحسار الثقافي والتصحر الذي نعيشه اليوم في ظل الظروف الراهنة. مؤسسة أريتي والدكتور فريدة المصري والأستاذة ريم جبريل والشاعر خالد مطاوع والكاتبة ليلى المغربي والأديب أحمد الفيتوري هم من توجه إليهم الأستاذ ابراهيم حميدان بالشكر والثناء لمساهمتهم المباشرة في جعل هذا المشروع والفكرة واقعا ملموسا.

الكاتبة والأديبة ليلى المغربي إحدى المشرفات على تحرير الكتاب وتنظيم الأحتفالية ألقت بدورها كلمة مقتضبة أشادت فيها بالأنتاج الأدبي الشبابي في ليبيا اليوم ودعت إلى الأهتمام به ورعاية المواهب الأدبية الشابة والأحتفاء بنصوصهم باعتبارهم كُتاب وأُدباء المستقبل الذين سيكون لهم شأن كبير في عالم الكتاب والإبداع.

كتاب شمس على نوافذ مغلقة

الشاعر خالد مطاوع صاحب فكرة إصدار الكتاب وأحد الساعين إلى إصداره وتقديمه للقراء من جهته أوضح أهم اهداف المشروع والمتمثلة في ملء الفراغ الثقافي الذي تشهده بلادنا السنين الأخيرة والأهتمام بالكتابات الشابة ورعاية المواهب الجديدة وتشجيعها على العطاء والبذل، وعرَّجَ في كلمته على نشاطات مؤسسة أريتي للثقافة والفنون التي كانت قد تأسست عقب ثورة 17 فبراير وتولت إقامة عدة أنشطة من بينها بعض العروض السينمائية قبل أن تتوقف هذه النشاطات جراء الظروف القاهرة التي يعلمها الجميع، وعن فكرة إصدار الكتاب تحدث قائلاً أنها انبثقت بعد أن سأله أحد الحاضرين للعروض السينمائية عما يكتبه الشباب الذين يشاهدون هذه العروض، ومن هذا السؤال البريء انطلقت فكرة الإصدار التي كما يبدو أن الشاعر خالد مطاوع قد اشتغل عليها طويلا لناحية تجميع المواد وتتبع إنتاج الكُتاب والبحث عن الشعراء والقصاصين والكتاب الشباب وهو الشيء الذي يحتاج إلى مجهود كبير وزمن عريض، وهو التحدي أو الرهان الذي كسبه الشاعر خالد مطاوع والدليل هو الكتاب الذي بين بأيدي القراء اليوم، ومثل من سبقوه بالحديث تمنى أن يكون هذا الإصدار الذي بالتأكيد سيملأ فراغا ويسد نقصا في المكتبة الأدبية الليبية بداية لحراك ثقافي وفني كبيرين، ونبهَ إلى ضرورة إدخال الأدب الليبي بكل مكوناته في المناهج التعليمية.

احتفالية كتاب شمس على نوافذ مغلقة.
الصورة: عن صفحة الجمعية الليبية للآداب والفنون.

وقبل تقديمها للمتحدث التالي قرأت الأستاذة ليلى المغربي مقطعا من الدراسة التي أعدها الباحث والناقد أحمد الفيتوري للكتاب المذكور بهدف إضاءة ما يحتويه من نصوص أدبية وتأطير هذه التجارب الغضة التي هي بالتأكيد في حاجة حقيقية للتعريف بها وتقديمها للقراء والمهتمين وإنارة الطريق أمام خطواتها، وكما لاحظنا فإن بعض الأسماء التي نُشِرت لها نصوصا في الكتاب غير معروفة ولم يسمع بها القارئ من قبل أو لم ينتبه لها في زحمة وسائل التواصل لا سيما الفيس بوك أين تتحرك هاته المواهب وتنشر إنتاجها أولاً بأول في ظل الغياب شبه التام لوسائل النشر الأخرى مثل الصحف والمجلات والكتب، ويعد هذا الكتاب فرصة ثمينة للشباب للتعريف بأنفسهم والسبب كما هو معلوما صعوبة النشر سواء على مستوى الدولة ممثلة في مؤسساتها المختصة والمتوقفة عن النشر منذ سنوات أو على مستوى النشر الشخصي نظرا لارتفاع التكلفة المالية في الداخل والخارج، ولهذا يعد صدور الكتاب مكسبا ومغنما لكل من الكاتب والمتلقي، ولتوضيح بعض الجوانب المهمة أعلن الشاعر خالد مطاوع أن المجلس البلدي البيضاء هو الجهة التي تكفلت بطباعة الكتاب.

احتفالية كتاب شمس على نوافذ مغلقة.
الصورة: عن صفحة الجمعية الليبية للآداب والفنون.

 

أما الدكتورة فريدة المصري فقد أعدت من جهتها قراءة تحليلية لمضمون الكتاب ركزت فيها على مستويات النصوص وأشارت إلى تنوعها واختلافها لغويا وموضوعيا واعتبرت ذلك نقطة تضاف لها وميزة تصب في مصلحتها وتحدثت عن علاقة التاريخ بالأدب باعتباره وثيقة يمكن الرجوع لها وشهادة بالإمكان الركون إليها عند الحاجة للإستنتاج والتوثيق واعتبرت هذا الكتاب وثيقة لقارئ المستقبل للوقوف على هذه الحقبة من تاريخ الوطن كون النصوص تعكس الواقع بامتياز وتشرحه أو تقدمه على حقيقته – أو هذا ما فهمته من حديثها على الأقل -.

وقبل أن تُلقى نماذج مما ورد بالكتاب من نصوص بأصوات أصحابها وقراءة مختارات منه تعرضت الأستاذة ليلى المغربي لبعض الاخطاء المطبعية الواردة بالكتاب سواء على مستوى النصوص أو الأسماء كما تحدثت عن المجهودات التي بٌدلت من أجل حضور بعض الشباب الذين لديهم نصوص في الكتاب من مدينة بنغازي مثل القاص حسام الثني والكاتب شكري الميدي سوى أن الظروف لم تكن مواتية للحضور والمشاركة وقراءة نماذج من أعمالهم.

احتفالية كتاب شمس على نوافذ مغلقة.
الصورة: عن صفحة الجمعية الليبية للآداب والفنون.

وبعد هذا التقديم والإيضاحات الوافية فيما يخص الكتاب المُحتفى به والظروف التي صاحبت إصداره وحتى تكتمل الصورة كان لا بد من يطّلع الحاضرون على شيئا مما جاء فيه من قصائد وقصص وبأصوات أصحابها حيثُ كانت البداية مع الشاعر الشاب المكي المستجير الذي ألقى على مسامعنا نصا شعريا عموديا يُذكر بتلك النصوص التي وضعها فحول الشعر العربي لناحية جزالتها وسلامة سبكها وقوة ايحاءاتها وموسيقاها، تهاطل الشعر والسرد بعد ذلك رطبا جنيا ليغمرنا بفيضه وعذوبته فمن الشاعر أحمد الشارف أستمعنا أيضا إلى نص ينتمي إلى القصيدة الحديثة التي تعلن انحيازها للشكل النثري بخلاف ما استمعنا إليه من شعر في هذه الأمسية وحمل نصه عنوان “مذكرات أولية”.

ثالث الشعراء الذين فاتنا الأستماع إلى أسمه عند تقديمه بسبب اللغط في الشرفة الخلفية للقاعة المقام بها النشاط والناتج عن البعض ممن لا يهمهم على ما يبدو ولا يعنيهم الإنصات إلى المختارات الأدبية، ثالث الشعراء الذين تناوبوا على منصة الإلقاء، وهو شاب على العموم قرأ قصيدة عمودية لا تنقصها الموسيقى ولا الإيقاع الظاهر، في حين غلب على مضمونها الخطاب الوجداني الذي يبدأ وينتهي عند المحبوبة كما يبدو.

احتفالية كتاب شمس على نوافذ مغلقة.
الصورة: عن صفحة الجمعية الليبية للآداب والفنون.

القاصة أنوار الجرنازي بدورها قرأت قصة قصيرة تناولت فيها بمفرداتها البسيطة والمعبرة وسردها السلس جزء من حياة امرأة تضطرها الظروف القاهرة لامتهان التسول والقصة لا تذهب بعيدا حين تختار لها صاحبتها أمكنة في مدينة طرابلس مثل جامع ميزران وهو ما جعلنا كمستمعين نرهف السمع وننتبه أكثر لتفاصيلها كوننا نعرف المكان. القاصة غدى كفالة التي وُصِفت كتاباتها بأنها مثيرة للجدل قرأت مقطعا من إحدى قصصها. القاص محمد النعاس صاحب الأنتاج الغزير والموهبة المتدفقة قرأ هو الآخر نصا من نصوصه السردية التي تُظهر جانبا من موهبته في هذا السياق. نجوى وهيبة القاصة التي اضطرتها ظروفها للسفر قرأ لها جمعة فريوان أحد نصوصها بعنوان “أثار البنفسج” وتناولت فيه عبر سردها الحيوي والواعد بعض الظواهر الأجتماعية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكتاب احتوى أعمالاً تراوحت ما بين القصة والقصيدة إضافة إلى من سبق ذكرهم لكل من أحمد البخاري وأحمد الفاخري وأمل النايلي وأمل بنود وأنتصار البرعصي وفيروز العوكلي ومنيرة نصيب ومو المصراتي وراوية الككلي وربيع بركات وسراج الدين الورفلي ومهند شريفة وعلي الطيف وجمانة الورفلي، وهؤلاء الكتاب تقريبا يتوزعون على أغلب مدن ليبيا، كما وجب التنويه إلى أن دار الفرجاني التي طبعت الكتاب خصصت ركنا في باحة دار حسن الفقيه أثناء الأحتفالية لعرض وبيع الكتاب الذي وبحسب توقعاتنا وجد إقبالاً على اقتناءه.

مقالات ذات علاقة

جديد الروائي الليبي هشام مطر «اختفاء».. على خطـى أحبّة راحلين

المشرف العام

محاضرة حول آثار الإدارة البريطانية على المرأة الليبية

مهند سليمان

إضاءات عن الرائدات الليبيات

مهنّد سليمان

اترك تعليق