عبدالعزيز الروَّاف
تتعرَّض الآثار الليبية في مواقع عدة لتعديات كثيرة، آخرها ما تتعرَّض له المدينة الأثرية في طلميثة شرق بنغازي. هذه المدينة الأثرية الشاسعة، التي تتميز بالفسيفساء الأثرية، التي أصبحت اليوم عُرضة للاختفاء نهائيًّا.
يقول الدكتور فضل القوريني، المتخصص في الآثار ومدير مراقبة آثار شحات السابق، في حديث خاص إلى «بوابة الوسط»: «إنَّ الفسيفساء التي عمل عليها مع عديد الخبراء، بدأت في الذوبان تحت حوافر المواشي، والسياج المعدني الخارجي الذي كان يحميها لم يتبق منه إلا بعض الأعمدة».
ويضيف القوريني: «السيارات تجوب المنطقة الأثرية وتتجوَّل بين المواقع، ونيران الرعاة توقد حتى داخل خزانات المياه وفوق سطح الكنيسة الغربية».
ويؤكد القوريني: «إنَّ تلف الفسيفساء هو عملية التحوُّل التي تؤدي إلى الفقدان التدريجي للصفات الأساسية وخصائص المواد المكوِّنة للفسيفساء وإلى فصل مكوناتها (المكعبات و الملاط). أما الظواهر المرئية التي تنتج عن هذه التحولات فكثيرة، و يمكن تصنيفها إلى أنواع مختلفة. وقد تؤثر هذه الظواهر في هيكل الفسيفساء وسطحها».
وأوضح القوريني أنَّ الخبراء يؤكدون أنَّ أسباب تلف الفسيفساء الموجودة في موقعها الأصلي عديدة، وغالبًا ما ترتبط عدة أسباب بنوع واحد من أنواع التلف.
وأورد القوريني ما أوضحه رياض الورفلي المهتم بالآثار في كتاباته حول هذا الأمر: «إنَّ تلف الفسيفساء عمومًا يعود إلى عاملين أساسيين من العوامل، أولهما العوامل المتعلقة بالبيئة، خصوصًا التي تعود إلى وجود الماء، وثانيهما المتعلقة بالنشاطات البشرية، وتؤدي هذه العوامل إلى تدهور الفسيفساء و تلفها، ولكن الخصائص الكامنة في مواد الفسيفساء تؤثر في مدى تلفها وتدهور حالتها، وقبل إجراء أي تدخل على الفسيفساء من المهم أنْ نفهم أسباب تلفها، فضلاً عن معرفة المواد التي تُشكَّل منها».
وحسب الورفلي يُعد تأثير الحيوانات والنباتات سببًا مهمًّا من أسباب تلف الفسيفساء وتدهور حالتها، كما يؤثر المناخ أيضا على نوع الحيوانات والنباتات الموجودة في موقع معين، وفي شدة الضرر الذي قد تتسبب فيه، كما أنَّ بعض الحيوانات قد تتسبب في ضرر أشد وطأة من غيرها.
يذكر أنَّ المناطق الأثرية بالجبل الأخضر تتعرَّض لعوامل دمار كثيرة منها التنقيب غير القانوني وسرقة الآثار، كما أنَّ بعض الزائرين يتسببون، بقصد أو دونه، في إحداث كثير من التلفيات، وذلك عن طريق إشعال النيران وسط المناطق الأثرية وأيضًا الكتابة على الجدران الأثرية ذات القيمة التاريخية.