[1]
على الحدود ما بين فاصلةٍ وفراغ
ينبت المعنى المغيّب في السرداب
يقوم على قائمتين
يتذكّر الناس رمل الطريق
لا يعدّون عُمْراً، ولا خطواتْ
فقد المنطق قدرته الجليلة كي يعلّل ما يكونْ
الأطرافُ والأفواهُ ذابت في الحريقْ
والعقلُ ماتْ!
غاضبون…
لا ينظرون إلى المحيطِ، الحائطِ، المحنّط، الممتدّ
لا موج فيه، ولا طعام، ولا شربة ماء!
خسر الأموات دفء الصلواتْ
نقاءَ القطعة البيضاء
طقس التيمّم في الصعيد المرنّخ بالدمْ
خسروا السماء الصافيةَ، السحب والأقمارْ
ولذة الليل الطويلْ
خسروا اجتماع النائحاتْ
“الناس” يختلفون عن كلّ أناسٍ غيرهم؛
يموتون كثيراً بلا وداع وصلاة وجنازةْ
ولا بيت عزاء!
ولا حتى رثاء يليق بميّتٍ عزّ الشباب بعمره
[2]
بين فاصلة على الحدود
وفراغ في التفاصيل
يسوح الرملُ، تغرق آلاف “القدمين”
لا تمحو الريح شيئاً من ألمْ
لا شيء يحمل لحظة الموتِ سوى الجسد المفخّخ بالغبار
هذي اللحظة سحر الحضارة في بلد الجنوبِ، خاصرة البحرِ
رخوة مثل عيون الخائفين من “الجنون”
لا تأتي فجأة، وليست على ميعاد
إنها- فقط- مرتقبة
آتية ليست مع ملاك مكلّف بأداء مهمّة طبيعيّةٍ ككلّ الناسْ
غيّر الملائكُ طقسهم
لا ينزعون الروح
ثمّة آلة هوجاء تفعس السرّ الإلهيّ
تُنْضِجُ اللحم
يستوي الأموات قبل اكتمال الثانية دورتها الثانية
لا شيء يوقف هذا “الذي لا يسمى” إلا الله
معجزةٌ ساطعة
[3]
لا شيء معنيّ بنا حتّى الفراغ
أين الآلهةُ الحضاريّون؟
أينَ الأنبياءُ؟
أين الثّائرونْ؟
أين الوجوديّونَ، الملحدونَ، المتديّنون؟
أين الشّعراءُ، الروائيّون؟
أين السّياسيّونَ، أهلُ المالِ؟
أين الكادحون؟
أين الكأسُ؟
أين الفأسُ؟
أين الرّجسُ؟
أين الطّهرْ؟
لا حاسدٌ إلّا اثنتان؛ رقّاصة وزجاجة خمرْ
وانتظارك ملكَ الموت…
[4]
وهنا خسائرُ أخرى، جالسٌ أحصي خسائرَ ما؛ أقلّب دفتري، وأبحث عن مساحةٍ بيضاءَ أكتب فيها جدول الأعمال هذا اليومْ.
ما زال هنا يومانِ من قبلِ الدّخول إلى نهاية أخرى، أرى ما قد أرى، حلماً خؤوناً قاسياً، الخوفُ فيهِ، وصوتي غارقٌ في صوتهِ، يبتلّ بالعرق المسيل على فؤادي، ماذا دهى اللّيل الطّويل؟
ألواننا صفراء صارتْ، والوقت يغرق في نَفَقْ
مَحِّصِ اللّهمَّ هذا القلبْ
ليستطيع الانتظارْ!