كثيرا ما يلجمني الصمت في هذه الأيام ،فلم أجد الكلمات القادرة على وصف ما يحدث في وطننا العربي الكثير العدد ببناته وأبنائه الجميع فيه عاجز عن تخطي حدود الكلمات إلى الفعل، فعل النصرة، وفعل الموقف، وفعل تجاوز بوابات الصمت المقيتة، كم تستفزّني كلمة الأمة التي لم أجد لها من معنى في هذا الصمت، بلد يدمّر، وشعب يموت قهرا بألف وسيلة من قبل الآلة العدوانية الغاشمة، وفي المقابل أجد الشعوب تتفرّق، وتحثّ على الكراهية المذهبية، تلك المذهبية التي يجب على الجميع رفضها وفضحها وإدانتها قبل إدانة العدو لأنّها هي فعلا من صناعة العدو البغيض، وأتساءل في الضفة الأخرى لما تسكت الشعوب عن صمت الأنظمة التي تحكمها؟
وفي نفس الوقت أجد تلك الأنظمة تتفنّن في تجيش الجيوش في ساحاتها، وتدججهم بالأسلحة القديمة مما تبقى من أسلحة الحرب العالمية الثانية، وكم يحزنني في هذه التأملات أنّ دولنا العربية تملك كلّ شيء ولا تملك أيّ شيء، تملك النفط والمعادن الثمينة، والأراضي الخصبة، وتقني خبزها من عدوها، وموادها الطبية من خصومها.. أليس ذلك أمر عجيب وغريب يا أصدقائي.. وأشعر بأنّ هناك من يقول لي:
– قل ما تشاء فليس ثمّة من يسمعك..! قل ما تشاء! فالموت وحده من يقاوم هذه الأيام في صمت المعترك.
– يشيخ بنا العمر ونحن ننتظر غيث السماء، وطيور الأبابيل، وحشرجات الموت تتصاعد في الصدور، فالكلّ يتوجع في صمته ويتجرّع مرارة الموقف المخزي لأمة كانت خير أمة أخرجت للناس، وصارت “….” فسلام الله على من لا يبخلون بدمائهم في حق الأوطان على مرّ الأجيال رجالا ونساء ،وتحيتي الى من لا يكتمون تأملاتهم في الصور، ويجهرون بها علّ الأجيال القادمة لا تتكرّر فيها مأساة الأزمنة الموجعة التي نحياه الآن.