الطيوب | متابعة وتصوير : مهنَّد سليمان
استضافت قاعة ناجي عبد المنعم بدار حسن الفقيه حسن للفنون بالمدينة القديمة طرابلس مساء يوم الثلاثاء 7 مايو الجاري جلسة حوارية للخطاط “إبراهيم المصراتي”،وذلك ضمن فاعليات ملتقى البشير لفنون الخط العربي الذي انطلقت مناشطه مساء يوم الإثنين 6 مايو بافتتاح معرض الخط العربي حيث تخلله مشاركة باقة متنوعة من أعمال ولوحات نخبة من الخطاطين الليبيين والعرب من سوريا ومصر والعراق واليمن والأردن وإيران، وتستمر فعاليات الملتقى حتى نهاية الأسبوع الجاري.
ورشة تقهير الورق
فيما سبق الجلسة الحوارية إقامة ورشة عمل لتقهير الورق للخطاط “سالم أبو بكر دغيّس” بالفِناء الخارجي للقاعة إذ استهلت الشاعرة والخطاطة “فريال الدالي” النشاط بصفتها المنسق العام للملتقى بكلمة ترحيبية قدمت من خلالها بطاقة تعريف عن الخطاط “سالم دغيّس” ومسيرته المهنية ومشاركاته داخل وخارج ليبيا، وبدوره أعطى الخطاط دغيّس نبذة مقتضبة عن الورق المقهر وماهيته، وخطواته العملية فهو حسب التعريف العلمي له عبارة عن ورق خضع لعملية تقهير أي إعادة تشذيب وصقل وتنقية حتى يكون ذو ملمس ناعم يُمكّن الخطاط من الكتابة عليه، وفي هذا الصدد أجرى الخطاط دغيّس مجموعة من الخطوات التجريبية أمام الحضور باستخدام مواد معينة مثل حجر الشبّ، وزُلال البيض ومركّب النشا، وتحضيرهم على ورق يتباين ما بين النعومة والخشونة.
البدايات
ثم أعقب ورشة العمل جلسة حوارية أدارها وقدمها الإعلامي “أحمد الترهوني” توقف فيها الخطاط “إبراهيم المصراتي” عند أبرز محطات مسيرته الفنية والإبداعية في الخط العربي، مشيرا إلى أن بواكير انطلاقته الأولى في فن الخط العربي كانت منذ سنيّ صباه حين كانت جُل المطبوعات والصحف التي كانت تصدر في ليبيا قبل خمسين عاما تُصنّف عربيا باعتبارها منارة إشعاع للحركة الصحفية الليبية أوان ذاك الزمن نظرا لما امتازت به من مشاركة فطاحل الخطاطين المصريين ذكر منهم : محمد حمام، ومحمود إبراهيم، ومحمود إبراهيم سلامة.
عناوين الصحف البرّاقة
بينما تابع المصراتي : كانت تلكم الصحف تزدان بالمانشيتات والعناوين البرّاقة بتوقيع أقلام أولئك المهرة الكِبار فتأخذ بدهشة القارئ والمتلقي حيث كانت هذه الصحف تتبارى وتتنافس فيما بينها لنشر أجمل العناوين التي يرسمها الخطاطين بطول خمسة عمود وسبعة عمود، وواصل الخطاط المصراتي بالإضافة أنه كان حريصا أيّما حرص أثناء المرحلة الإبتدائية على ابتياع تلك المطبوعات فقد كان حسب تعبيره ينكب على إعادة تقليد العناوين المنشورة بالصحف للخطاطين المصريين وكان تقليده كهاوٍ دون اتباع أية قواعد مدفوعا برغبة ملحة لتعلم فن الخط العربي.
أصالة الخط العربي
كما يرى الخطاط المصراتي أن رسالته السامية كخطاط ستمتد إلى يوم الدين وفق وصفه، ولفت الخطاط المصراتي أيضا إلى أنه يسعى منذ أن تلمّس خطواته الأولى في دنيا فن الخط على الحفاظ أصالة الفن وعراقته، كما تحدّث عن فترة انخراطه وهو بعد يدرس بالمرحلة الإعدادية بدورات تأهيلية وتدريبية بمعهد خاص لتعلم الخط العربي بحي الهاني طرابلس تحت إشراف خيرة الخطاطين الأستاذة لعل من أهمهم الخطاط الشهير “أبوبكر ساسي المغربي” إبّان آواخر سبعينات القرن المنصرم، وما لبث المصراتي أن أتم المرحلة الإعدادية حتى التحق بالمعهد بشكل نظامي على شُعبتين، (تربية / خبراء الخطوط) فقضى المصراتي فيه مدة أربع سنوات متتالية ونال منه على شهادة الدبلوم، وأشاد المصراتي بُرقي المعهد وأهمية ومنزلة معلميه وأستاذته الذي تم اقفاله في السنوات اللاحقة لدراسته.
نجحت بجهودي الذاتية
وتطرق المصراتي إلى فترة عمله كمدرّس بعد تخرجه من معهد ابن مقلة، وذكر أن شغفا خاصا استأثر به وقاده لشد رحاله نحو مصر فهناك مر بتجربة ثرية وتمرّس على أيدي أبرع الخطاطين المصريين ناهلا من مَعينهم العلمي والإبداعي كما عرّج المصراتي على تجربته الدراسية بمركز أبحاث التاريخ والفنون الإسلامية تركيا، ويؤكد المصراتي بأن تجربته بإسطنبول أكسبته المزيد من التوسع العلمي واليقيني، ويُعزي المصراتي نجاح تجربته من طرابلس مرورا بالقاهرة وصولا إلى إسطبنول لجهوده الذاتية بمعزل عن دعم وتحفيز أية جهة تابعة للدولة، وفي المقابل سلط المصراتي الضوء حول تجربته على خلفية دعوته للمشاركة في كتابة ثلاث صفحات لأكبر مصحف في العالم المشروع الذي تبنّت الدولة السورية عام 2006م وسط مشاركة نحو 62 خطاط من جميع أنحاء العالم الإسلامي، واختتم المصراتي حديثه بالتأكيد على أن فن الخط العربي علم جليل يكون فيه الخطاط إزاء حضرة المولاى عز وجل بكتابة الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والأوراد. لذا يقتضي من الخطاط بذل الجهد والصبر والأخلاق والعمل المستمر.