متابعات

الرسام عوض عبيدة.. ذاكرة ليبيا الفنية

الفنان التشكيلي عوض عبيدة
الفنان التشكيلي الليبي .. عوض عبيدة -رحمه الله-

رحل رائد الفن الواقعي الليبي عوض عبيدة لتبقى لوحاته شاهدة على جمال الموروث الشعبي والثقافي والاجتماعي في ليبيا، من خلال الأزقة والشوارع ووجوه البسطاء من الناس التي جسدها بريشته ومنح عبرها اللوحة التشكيلية الليبية خصوصيتها لتكون نافذة مشرعة على التاريخ والذاكرة الشعبية.

في ترحاله الدائم إلى بلدان كثيرة، لم تغفل عين عبيدة عن نبع تشكيلي لم ينضب لديه هو تاريخ بلاده وتراثه المتنوع، فكان ملتزما بالواقعية الفنية المستمدة من نبض الحياة اليومية، إذ لا يمكن -حسب قوله- أن يجسد الفنان موروث بلاده وتاريخها الغني من خلال المنحى التجريدي أو السريالي الذي اتجه له الكثير من الفنانين.

ترك عبيدة -الذي توفي الأسبوع الماضي- في رصيده الفني ما يقارب 500 لوحة ترصد عادات ليبيا التقليدية والأزقة القديمة وشوارع بنغازي البسيطة، من “كاركوز بازامة” الشهير، إلى حفلة الزواج الليبي القديم وألعاب الورق والمقاهي الشعبية وألعاب الأطفال وغيرها.

ذاكرة المجتمع

في حي “سوق الحشيش” وسط بنغازي عام 1923، ولد الفنان الراحل، وبعد حصوله على الثانوية العامة عام 1937درس الفن في إيطاليا، وأقام أول معرض فني بمتجر صغير بشارع عمر المختار في بنغازي أيام الإدارة العسكرية البريطانية في برقة عام 1946.

أنشأ الراحل معرضا دائما هو أقرب للمتحف في بنغازي اسمه “دار الفن والتراث” يعرض حاليا لوحاته التي تؤرخ مظاهر الحياة في المدينة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، لكن أعماله الفنية جالت دولا عدة كسويسرا وبريطانيا التي أقام بها 14 عاما والولايات المتحدة والمغرب وغيرها.

وفي حديث للجزيرة نت اعتبر الفنان التشكيلي حسن بن دردف أن ليبيا فقدت قامة فنية كبيرة برحيل عبيدة الذي اعتبره نبراس العمل الفني، مشيرا إلى أنه لم يخرج عن الواقعية الفنية التي اختارها منذ بداياته الأولى.

ويرى الفنان التشكيلي عادل جربوع أن الراحل يعد عملاق الواقعية الفنية في المشهد التشكيلي الليبي، معتبرا أن أهم محطة في حياته الفنية هي تلك التي عاشها وسط مجتمعه بمدينة بنغازي إبان تسعينيات القرن الماضي، مؤكدا أن سفره إلى الخارج قطع صلته بجمهوره لمدة قصيرة.

من جهته أشار الفنان التشكيلي صالح بن دردف -وهو من جيل ما بعد عبيدة- إلى أن عبيدة يعد ذاكرة ليبيا القوية، وقد كرس رسوماته لإظهار تفاصيل المجتمع مثل وجوه الأطفال والشيوخ وتفاصيل الحياة اليومية.

الهوية الليبية

وقال الناقد نور الدين الماقني إن عبيدة أحد أهم روافد تأسيس الهوية الليبية في الفن التشكيلي الليبي، “ففي لوحاته تكتسب الكائنات والظواهر مذاقا ليبيا بدرجة كبيرة”.

ووصف عبيدة بأنه “يجسد التوق الدائم للتنقيب في الحفريات المبعثرة في الذاكرة والتاريخ وتضاريس المكان، وفي أحيان أخرى في هموم المواطن وانشغالاته وطقوسه وشعائره وثقافته خارج إطار المرجعيات المُعلّبة”.

كما أن الفنان الراحل -حسب الماقني- كان دائما مواكبا بهموم وأحزان وأفراح الشعب، مؤكدا أنه على الرغم من بشاعة الاحتلال الإيطالي وقمعه، كانت لوحات الفنان الراحل تضج بالتفاؤل والحياة والبهجة والفرح.

من جهته عبر الناقد محمد عبد الله الترهوني عن حزنه لفقدان ذاكرة شعبية ليبية كانت تصور الحياة الاجتماعية من جيل إلى آخر، متمنيا إيجاد مدرسة فنية على غرار مدرسة عبيدة.

وانتقد الترهوني في حديث للجزيرة نت بشدة مهاجمي عبيدة، معتبرا أن الهجوم عليه طيلة حياته واتهامه بسرقة أعماله “أمر طبيعي” خاصة من قبل رافضي المدرسة الواقعية، وأكد أن الراحل يعد “عميد الفن الواقعي الليبي” وأن أعماله باقية في ذاكرة كل إنسان ليبي.

مقالات ذات علاقة

الكاتب الليبي الحاضر الغائب.. في احتفالية مكتبة طرابلس باليوم العالمي للكتاب

المشرف العام

تاناروت… مقهى للقراء في الهواء الطلق في اليوم العالمي للكتاب

المشرف العام

الإعلان عن جائزة أحمد إبراهيم الفقيه للرواية

المشرف العام

اترك تعليق