معرض انعكاس للتشكيلية دينا القلال (الصورة: عن تاناروت)
المقالة

مازلت أحمل لها بعضاً من الحب

الصورة: عن تاناروت.
الصورة: عن تاناروت.

لا شيء يربطني بهذه البلاد و لا شيء يعجبني فيها ، و لكني مازلت احمل لها بعضا من الحب ، برغم أني لا افهم كيف يمكن أن يحب المرء الاشياء القبيحة مثل ليبيا ربما أحبها لأنني قبيح مثلها أو ربما لأن البلدان المريضة تحتاج للحب كما تحتاجه الام المريضة من ابناءها ، أو ربما لأن بلدي في مستوى قدراتي فأنا -على أي حال- لست السير هوراشيو العظيم حتى احصل على بلد عظيم مثل بريطانيا ؛ هل جربت حب ليبيا في ذكرى تأسيسها ؟ هل جُننت إلى هذا الحد و غنيت لحبيبتك الشيطانة ليبيا ؟ ” اكتب اسمك يا بلادي ع شمس ما بتغيب “

مرة حلمت أنني اردت متجرًا يملكه تاجر يهودي يبيع البلدان و ابديت له حاجتي لشراء بلاد -على الموضة- لي و لعائلتي و لما سألني عن مقاسي نسيت أن امنحه مقاس هوارشيو نيلسون فأعطاني التاجر بلدا يناسب مقاسي الحقيقي ؛ كنت أنوي مخادعة التاجر لكني تذكرت أن في طفولتي اردت أن اكبر لكن المتاجر لم تكن تبيعني ملابس الكبار ، و كانت امي تؤاسيني إذ ذاك و تضع على كتفي معطف ابي و من يومها اصبحت رجلًا لا يملئ ثيابه ، رجل صغير اصغر من كل شيء ، و إذا كان ضروريًا أن يكون الولد اصغر من ابيه فليس ضروريًا أن يكون الرجل اصغر من بلده…

لأن البلدان لا تكبر بقانون طبيعي مثل رأس البصل بل تكبر لأن كل فرد في داخلها كبر ، و كبرت مواهبه و افكاره و طموحاته و ضميره و أخلاقه و كبر شعوره بالمسؤولية و كبرت رغبته في التضحية و الاخلاص ، ذلك ما فعله ابناء المانيا لبلدهم و اليابانيون فعلوا ذلك و اليهود أنفسهم صنعوا بلدًا كبيرًا من المستحيل و من خرافات التوراة و من الايمان بحق الحياة لجنسهم الذي كان مضطهدًا و كريهًا…

لكن أنا بصراحة لم يكبر في داخلي شيء فيما عدا رغبتي في الفرار من هذه البلاد و هي رغبة ليست عادلة قط لأن ليبيا البشعة هي البلد الذي استحقه و هي المكان الذي يناسب دوري في الحياة؛ مثل نبتة الصبار التي لا يمكنها الاعتراض على موقعها الصحراوي و لا تحلم بالسفر إلى حدائق الملكة فكتوريا ، لأن فكتوريا لا تحب الصبار و لأن الصحراء هي الموقع الوحيد الذي يناسب الخصائص التاريخية و البيولوجية لهذه النبتة المقززة ، و إذا كانت النباتات تحس بعدالة الطبيعة إلى هذا الحد فعلى الإنسان ايضًا أن يحس بهذه العدالة و يسأل نفسه من هو و من يكون ثم يسأل ما بلده أو ما يجب أن تكون بلده ، و على قدر رجليك مد الخريطة…

مقالات ذات علاقة

إيطاليا وأوحال الماضي الاستعماري

جمعة بوكليب

رحل أيدير وسيظل سفير الأغنية الأمازيغية

المشرف العام

شكرا ليالي طرابلس لكنكم نسيتم حجر الاساس حين تجاهلتم فوزية شلابي

زكريا العنقودي

تعليق واحد

امرأة مخملية 25 يوليو, 2021 at 02:07

الصبار ليست نبتة كريهة

رد

اترك تعليق