الطيوب
عن دار السراج للنشر والتوزيع، طرابلس، صدر للكاتب والشاعر الليبي عبدالرزاق الماعزي، عمله الروائي المعنون (بريق لؤلؤ الزمان)، في 240 صفحة من القطع المتوسط، ولوحة غلاف من أعمال التشكيلي الليبي علي العباني.
من أجواء الرواية:
صورتها تمضي وتفيء في ذاكرتي، امرأة عركها زمن هو الذي عرك الليبيين، بأصناف شتى ومتفاوتة من المعاناة، وكان أكثر ما ألقى بها بيننا هو زمن اجتاح ليبيا وخلف في توليف سكانها آثارا، كان نصيبها منها أن غاب ولدها ولم تعد تعرف عنه شيئا، أحي هو وراء تلال الأحداث، لحق لنفسه مكاناً رضي به، أم التهمته حرب الحبشة في الثلاثينيات؟. سيدة يقال إن بنية جسمها كانت أجل هيئة، لكننا عندما رأيناها كان ذلك منها قد ذاب، ذات وشم مرسوم بين أسفل ذقنها وفمها، لا تلوح لنا إلا بعصابة كبيرة حمراء.
كلما فكرت في ( عشبة مريم ) ربطت اسمها بتلك المرأة الأنيسة. كانت العشبة مجرد فرع صغير مضموم في باقة صغيرة رحيمة المس، أعطوها لي ولأخي، لتهوين أثر ( جدري الماء ) على جلدينا كي لا نخدش الحبيبات بأظافرنا. كل العمر سار، وسار أهلنا وتلك المرأة ذات العصابة الحمراء إلى خفاء الدنيا. ما قيل لنا وقتها هو أن اسم الفرع الرطب هو ( شجرة أمنا مريم )، أما سوق العطارين فقالوا لي إنها ( العشبة ) وحصلت على واحدة تشبه ما أذكره منها.