1
صباح الخير يا محمود
أعرف أنك الآن تقرأ جريدتك الصباحية
تُحصي أسماء الشهداء، تبكي وتحتسي قهوة الشعر
حاولت الاتصال بك لأخبرك بأن الأطفال
في غزة كبروا ونالوا الشهادة، أخذهم الإله لقضاء إجازة الصيف
تحدثنا كثيراً فذابت أسلاك الهاتف من حرارة الدمع
كنتُ أظنّ أنني قوية كجبلٍ من الجليد ولكنني تحولت إلى نقطة.
2
أعرف أنّك تحاول أن تكتبَ قصيدة
طويلة، تزرعُ فيها وروداً بيضاء
وترسم على الورقة حقلاً من الزيتون
لم نجنِ الزيتون في هذا الموسم
الجراح كبيرة ولا أيدي تقوى على التجريح
وأنا نفسي جرحٌ لا يبرأ
3
في هذا الوقت
تمرّ اللحظة كالأبد
جداول الدم تجري ولا تعرف أين تصب.
الأحاديث تلاشت مثل آية في ذهن قديس مسنّ
أنا لست غاضبة منكَ لأنك رحلتَ وتركت الحصان وحيداً
الوحدة هي مصيرنا جميعاً عندما نكبر.
4
كلما مات شاعرٌ احتجت شجرة برتقال
على غيابه وصنعت من أغصانها تابوتاً للغياب
كلما سألنا الإله عن الحرب يقول:
الحروب دماءٌ ملعونة تعيش بينكم
ثعبانٌ يفرز سمّه ،كلما شمّ رائحة الخيانة
5
كلما كبر طفلٌ سألنا
ماذا أتعلم لغة النار أم لغة الحجر؟
تبتسم الأحجار ويعرف بأنه سيصبح صديقا
حميماً لها. يهمس بأذنها “فش إيشي بيهزمنا خسرنا شهداء بيجي بعديهم ناس”
6
يقول والدي: “لا تخف من الرحيل لأنكَ ستصعد إلى غيام الخلود”
يا محمود لم تكن الأيام سوى جثثٍ متفحمة
وعندما نحترق يشير الرماد إلى الهاوية.
تبقى الأحاديث كعطرٍ خفي لتؤنس غربة الموت
قبل الوداع أسألك عن الحنين، تقول لي: (الحنين هو وجعٌ لا يحنُّ إلى وجع)
وعندما نتحدثُ عن الوداع يظهر ظلٌ خلف الجدار
يكتب رسالته الأخيرة لحبيبته لينسى اسمه.