كوثر الجهمي
لم أتّبع خريطة واضحة، رحلتي رسمتْ خريطتها بنفسها، وكانت في الاتجاه الذي وصل بي إلى هذه المرحلة بتوفيق من الله: ثلاث كتب منشورة (روايتان ومجموعة قصصية)، كتاب مقالي رقميّ، وكتاب رابع قيد الطباعة (رواية)، ووجود أعتزّ به ضمن قائمة أكثر الكتاب مبيعًا لدى دار الفرجاني.
تعلّمتُ بالطريقة الصعبة وبالمحاولة والخطأ في مرات عديدة، غير أني استطعتُ في معظمها ان أحلّ العقدة، وأواصل سيري.
بعد كتابيْن، جرّبتُ مشاركة تجربتي من خلال ورشة “كتابة الرواية الأولى”، وأعتقد أنها كانت ورشة موفّقة مع مجموعة متألقة من الشغوفين بالكتابة الروائية، غير أني الآن، وبعد عامين على تلك الورشة، بتُّ أنظر للأمور من زاوية أكثر انفراجًا (العرق الهندسي عذرًا!)، أي أنّي أدركتُ أن عمليّة تأليف رواية أولى، في الواقع، لم تبدأ مع الفكرة، ولم تبدأ مع الملخّص، بل بدأت قبل ذلك. ورغم بعض الطلبات التي تأتيني بين الحين والآخر بإعادتها، فقد كنت أشعر أن ثمّة ما ينقصها.
يقف كثير من الكتّاب الشغوفين عند أول عقدة، ويعتقد أنه غير مؤهل، أو أنه قد لا يمتلك ما نسميه “الموهبة” لينجز روايته الأولى، ويظنّ أنها مرحلة ينبغي عليه أن يطويها، دون أن يعي تمامًا، أن التجربة الذاتية لجميع كُتّابه المفضلين، وإن بدت مختلفة في تفاصيلها، فثمة سرًّا، أو فلنقل سحرًا يجمعها، وهذا السحر قابل للتعلّم.
ومن علّم نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وطه حسين وغادة السمان وغسان كنفاني.. إلخ؟
حسنًا فلنقل أنهم تعلموا بالطريقة الصعبة، ووصلوا بغريزتهم إلى تلك الوصفة السحرية، هذا عن الأدباء العرب، أما بالنسبة إلى غيرهم، فإن الكتابة الإبداعية تُدرّس منذ النصف الأول من القرن العشرين (أو ربما قبل ذلك) في كبرى الجامعات الغربية، هم يعرفون جيّدًا أنها أمر قابل للتعلم، شريطة توفّر عنصر الصبر، كعنصر أساسيّ في الخلطة.
ولِمَ لا يتعلّم شباب هذه الأيام أيضًا بالغريزة؟
لأننا؛ جيل الإنترنت، أُصبنا بداء السرعة والاستعجال، وهو داء معادي للفنّ، على الأقل حين نتحدث عن فنّ الكتابة السرديّة.
لذا، ومن خلال تجربتي الذاتية وقراءاتي، ومن خلال أخطائي بشكل خاصّ، أفكّر في إعداد دورة تدريبية متكاملة في “صناعة المؤلف”، الروائي على وجه التحديد، وهي موجّهة للكُتّاب الناشئين الذين لم يسبق لهم النشر الورقي، وحرصًا مني ألا أغفل أي جانب من جوانبها، أرجو من هؤلاء الكُتّاب المشاركة في ملء هذا الاستبيان، الذي يحاول فهم ما يبحثون عنه أو ما يتوقفون عنده، والأسلوب الذي يناسبهم لدورة تدريبية كهذه:
امتناني الشديد، راجية أن تلقى تجربتي قبولًا، بل سأمنح نفسي أملًا وأقول: راجيةً أن تلقى من تلهمه، وتعينه.