هذه فقرة وردت في ختام مبحث من رسالة الدكتوراه وعنوانها: (لغة الشعر بين الإحيائيين والرومانسيين في ليبيا) تصف نصوص شعراء المرحلة الكلاسيكية في ليبيا، وهم الشارف والمهدوي والباروني والهوني وقنابة والفقيه حسن، وكيف ينظمون أشعارهم؟، وكيف يتعاملون مع اللغة؟:
((النصوص الشعرية التي أمامنا لم يفكر منشؤها في تغيير نمط العلاقات اللغوية، فقد اكتفوا باستعارة ما أبدعه الشاعر العربي القديم في هذا المجال، أو ما تسرب إليهم من لغة العصر، فإذا همَّ أحدهم بترك وطنه جلب التعبير القديم (زمت ركابي ـ تخب بي العير)، أو التعبير الحديث (وداعا يا وطني ـ سلاما أيها الوطن)، وإذا توهم أنه وقع في غرام إحدى الحسناوات لا بد أن يتوهم أيضا أن أحدا يتنصت عليه، وهو يبوح بحبه إلى محبوبته، فعـندها يستحضر من المعجم الشعري القديم حكاية العاذل اللائم الذي يتنصت على أحوال المحبين، فيقول على الفور: (عذولي لا تلمني ـ عذولي إليك عني)، وفي وصف هذه المحبوبة يقول: (غزال شارد ـ ظبي أغن ـ قدها غصن البان ـ يا ريم الفلا)، وإذا سمع بموت من له مكانة عظيمة بين الناس تظاهر بالحزن عليه، مستذكرا القوالب اللغوية الجاهزة في هذا المقام من مثل: ( لهفي عليك ـ يا لها من خسارة ـ خطب أليم ـ مصاب جلل ـ تبكي عليك النجوم) ، وهكذا فإن مثل هذا الشاعر قليلا ما يفكر في إنشاء جملة شعرية تأتلف فيها الكلمات وفق الانفعال الذاتي بالحدث والتجربة ، وإنما يسارع إلى استنساخ لغة الآخرين)).