الربط في اللغة يقصد به القيد ونجده عندنا فيما يعرف بعلم الصوايب أو ما يعرف بالأمثال الشعبية وهو نوع آخر من مدرسة الجد الشعبية وأيضا مثال آخر من الفنون الشعبية التراثية المميزة لأهل الجنوب الليبي فالربط يعتبر وليد البيئة الفزانية حيث نشأ وترعرع بين أحضان الأجداد وكان هو المنظم لحياة الناس الاجتماعية منذ القدم وهو كما يعرفه بحاث ودارسي علم الموروث الشعبي نوع من الشعر المقفى يقال بأسلوب مبطن وهو ليس بالأحجية ولا الفزورة ولكنه مخفي اللفظ واضح الدلالة لا يفهم مقصوده إلا الكيس الفطن ولا يستطيع الإجابة عليه إلا المتمرس والفاهم لتركيب ألفاظه ودلالة معانيه ومن لم يتمكن من الرد على قائله يقع في مصيدة الخضوع للرد الحازم والرادع من قبل شيخ الصواب أو الصوايب الموجود بالقرية ويكون عرضة للعقاب وعقابه دفع جزية وهي قدر من النقود أو الشعير أو القمح ونحوه.
ويتكون الربط من بيتين في الغالب على هيئة سؤال وجواب يقال إما لفرد أو لجماعة من الناس، وهو موجود ليس في بيئتنا المحلية وفي تراث الجنوب فحسب بل نجده في التراث الليبي بمسميات أخرى مختلفة حيث في المنطقة الشرقية لايزال هذا الفن المميز موجودا ويعرف باسم صوب خليل.
ومن أشكال الربط عندنا المناظرة الشهيرة بين إحدى فتيات القرية وأحد شبابها، يروى أن فتاة كانت جالسة في زريبة المزرعة والهدوء يملأ المكان من حولها إلا من صوت الماء المتدفق من الجدول حيث يقوم والدها بسقي الزرع في مزرعته الوارفة التي يضوع في سمائها روائح زكية قادمة من تنور أمها حيث تقوم بتجهيز الفتات، بينما كانت الفتاة جالسة تظفر جدائلها المختبئة عن الأعين في حياء فمن العيب أن تفعل النساء ذلك أمام المارة، اقترب منها شاب من شباب القرية وحاول استراق النظر إليها من بين أعود القصبة والجريد وحينما أحست الفتاة بصوت أقدام تتجه نحو المكان التفتت يمنة ويسره كالخائفة الفزعة تبحث بين الأعواد وأوراق السعف المدببة عمن يحوم حولها وفجأة وبينما حاول الشاب الفرار مسرعا ربطته لحظة رؤيته مباشرة قائلة له:
مربوط ياولد مربوط..
مربوط في بير فيه السلاسل..
مفتاحه عند جبريل..
وجبريل في الجو حاصل..
وتمكن الشاب هنا من الرد وتخليص نفسه من دفع الجزية بالجواب:
لمقاط ما يربطني.. ولحبال ماهن قدايا..
والسلسلة اتخاف مني.. بلاحق تصدق امعايا..
من مخطوطة: قوالب الطين