الرقم 35094
ليس رقم هاتف حب قديم
أو رقم رصيد مصرفي مملؤ بالهواء
هو رقم بديل لإسم
حينما كان الرقم يدل على البشر
وحين يختزل الحلم في هم
ولما كان الكون كله يتعسكر
وحين كامل الانصياع
والخنوع
والحرب تقفز بأوزارها في تشاد ،
من “أوجنقا إلى فايا لارجو ، لأبشا وآتيا ”
تحارب أشباح العظام السوداء
وتعود بالهزيمة
وحين كل هذا
كان الرقم 35094
يخطب صارخا ووحيدا
وكما لم يَصِحْ جندي أبدا
في ساحة المعسكر با لغبش الأخير
من صباح كالح :
هذا ليس مصنعا للرجال
هذا هوة الذل
ومعافس الكرامة.
*
الرقم35094
معادل أنفة
يرتدي حذاءا ثقيلا
وبدلة عسكرية تأكل خشونتها جلده اليافع
كان ابن خمسة عشر فقط
عندما القوا به في غيابات العسكر
ذاهلا يعود من الحرب الداحسة
ويقفز ناجيا
برعدة لم تغادره
من على سور الانفجار العظيم
والدنيا تشتعل في “الأبيار”
لم تكن له سوى قدمين
حافيتين
بمقدار ماحفت ليبيا حينها
اولادها يموتون في حروب سوداء
وأمهاتها يعتقن الخوف في صدورهن.
*
الرقم 35094
ليس تعدادا لحي من حلم
أو رقم ورقة حظ فائزة
هو ثمانية عشر من سنوات كالحة
مشطورة مابين القتال وسجون العقاب
وصنع شموس صغيرة
تحت غطاء المعسكر القاتم
ولكن ” ابشّا ” أشد قتامة في الحقيقة
وأكثر سوادا من وجوه ساكنيها
وعيون تماسيحها الضارية
كانت “المريسة”
سيدة الطعام
والسيجار الرخيص المهرب مبلغ الترف
الحر يلسع الجلود
والمرض يسكن العيون المتربة
والطاغية مشغول بتلويث النساء
وتجميد جثت الطلاب الرافضين
ومشغولا أيضا بصنع الأقبية
وقنوات الفرار
وبناء المزيد من الأسوار حول قلعته الظالمة
لم يكن مهتما حتى بنتيجة الحرب
فالجرحى تلقيهم الطائرات في البحر
ومن مات في الحرب ،
ومن ألقموه للتماسيح ،
ومن عاد مخبولا عاد .
*
الحرب نزوة
في خيال فتوحات الطاغية المريض.
كان اسكندر زمانه
يصول في العالم
“وزيد تحدى”
ترددها الحاشية الزائفة .
*
ولكن الرقم35094
اجتاز ثمانية عشر سنة عسكرية
بعشرين مؤلفا شعريا
بمدرسة شعرية راسخة
بأطفال من ورد الحديقة
بحبيبة جعلته بطل هذه القصيدة .
*
الرقم35094
الشاعر الليبي
مفتاح أحمد العماري
مواليد بنغازي1956
عاشق طرابلس الفتية .