الثلاثاء, 22 أبريل 2025
المقالة

حكايتي مع شاعر الوطن.. 3

الشاعر محمد الشلطامي
الشاعر محمد الشلطامي

هل كانت مقالتي: (شاعر في الظل) سببا في دعوته لمهرجان دبي الدولي للشعر…؟

لم أفرح في حياتي بمقالة كتبتها كفرحي بمقالتي: (شاعر في الظل) التي سعد بها شاعرنا الشلطامي كثيرا وعرف من خلالها أنه لم يكن يحرث في البحر.. وأن هناك من أبناء وطنه من يتذكره ويشكره.. تلك المقالة التي كانت – بعد الله تعالى – سببا في دعوة شاعرنا لتمثيل بلادنا في مهرجان دبي الدولي للشعر.. بعدما تقاعست حكومتنا عن ترشيحه وتكريمه وتقديره.. لكن نفسه الكريمة منعته من أن يكون ضيفا على مهرجان.. بدعوة من دولة أخرى.. وليس بترشيح من حكومته.

وقبل أن أنهي حكايتي مع شاعرنا الكبير.. يتوجب علي الإجابة عن سؤال قد يتبادر إلى ذهن القارئ.. وهو: لماذا اختارتني اللجنة المشرفة على مهرجان دبي الدولي للشعر.. أن أكون وسيطا بينهما.. وكيف تعرفت على بريدي الإلكتروني…؟

وللإجابة على هذا السؤال أقول: لقد كانت رسالتهم مفاجأة بالنسبة لي.. ودارت في ذهني تساؤلات عدة بالخصوص.. قلت في نفسي: كيف عرفوا بريدي الخاص.. ولماذا طلبوا مني أن أكون أنا بالذات وسيطا بينهم.. ولماذا اختاروا الشلطامي دون غيره من شعرائنا…؟

وقفت عند هذه التساؤلات كثيرا وطويلا.. إلى أن توصلت إلى جواب مقنع ووجيه.. ألا وهو أن مقالتي (شاعر في الظل) التي كتبتها عن الشلطامي.. هي التي عرفوا من خلالها عنوان بريدي وعرفوا أنني من المهتمين به وبشعره الجميل.

نشرت تلك المقالة – كما قلت لكم – في فضاء النت الواسع على مواقع عدة.. وكانت كبقية مقالاتي تحمل عنواني البريدي.. وقد قرأوا بالطبع أجمل ما اخترت من أشعاره.. وعرفوا من خلال المقال أنه شاعر قدير وكبير ويستحق بلا ريب أن يمثل بلاده في هذا المجال.. وربما قد قرأوا أيضا كل فقرات المقال المؤثرة.. وبالذات هذه الفقرة المحزنة: 

(لماذا فضل الانسحاب بصمت وسلام، وبهدوء تام ودونما استئذان.. لينزوي وحيدا لأكثر من ربع قرن.. متوسداً جرابه المليء بالشعر والحلم والآمال العراض…؟ هل أدرك أنه لا يستطيع مجاراة أغلمة الشعر وشعراء البلاط…؟ أو أنه لا يجيد ألعاب السرك وأعمال الحواة التافهين.. الذين يعترضون طريقه أو يتتبعون خطاه…؟

وتظل تركض والكلاب النابحات على خطاك
والجرب والمتشاعرون وباعة الصحف القديمة
يتهامسون إذا مررت من الأزقة فالغنيمة
هو أنت.. فابك ما تشاء.. على مبادئك العظيمة

رحمك الله يا فقيد الشعر الوطني.. فقد خانتك حكومة الوطن.. لأنك كنت مثالا للوطنية والصدق والنزاهة والعفاف.. وكل الأخلاق الطيبة التي قلما نراها هذه الأيام.

الشلطامي في بيتي:

بعدما نشرت مقالتي: (شاعر في الظل) بموقع ليبيا وطننا الذي يشرف عليه الدكتور/ محمود سعيد اغنيوه بشهر تقريبـاً.. زارني محمد الشلطـامي في بيتـي ومعه بعض النسـخ من إصـداراته الجديدة

والقديمة.. ثم بعث إلي بمجموعة أخرى مع صديق لي.. وكانت جميعها ممهورة بإهداءات طيبة

وكلمات جميلة.. وقد سررت حقا بأشعاره وكلماته.. وسررت أيضا بمقالتي عنه.. أكثر من سروري بأية مقالة أخرى.

وهنا واعترافا بفضله علي ووفاءً له ها أنا أدون ما خطه بيده على بعض كتبه التي أهداها إلي.. فقط لتدركوا وقع الكلمة الطيبة على النفوس الطيبة المتعبة.. ولتعرفوا أيضا كم نحن مقصرون مع أدبائنا وشعرائنا من قضى منهم نحبه ومن ينتظر:

  • على كتابه: انشودة الحزن العميق يكتب قائلا: (أخي العزيز/ سعيد العريبي: أحييك بحماس.. وأشكرك كثيرا على مقالتك شاعر في الظل.. آملا أن أوافيك بمخطوطات أقوم بتجهيزها الآن.. تحياتي لك وللأهل.. ومجددا.. أشكرك).
  • وعلى كتابه: قصائد عن الفرح.. يقول لي: (من الظل أهديك قصائد من الفرح.. وأنا كلي امتنان وفرح.. بمعرفة رجال أمثالك).   
  • وعلى كتابه: نص مسرحية من طرف واحد.. يقول: (أخي العزيز وصديقي الذي نادرا ما أراه.. أهديك هذه النسخة.. مع تحياتي ومودتي).
  • وعلى كتابه: بطاقة معايدة إلى مدن النور.. يقول: (أهديك بطاقة معايدة إلى مدن النور.. مع خالص مودتي وعرفاني.. كما آمل أن أوافيك في المستقبل القريب بمخطوطة عن مجموعة جديدة باسم: “أغاني سارق النار”.. والذي يهمني هو أن تكون أنت وأفراد الأسرة بخير).
  • وعلى كتابه: صائد عن شمس النهار.. يقول: (ها نحن مرة أخرى نلتقي.. فأرجو أن تتقبل مني شيئا من قصائدي عن شمس النهار.. مع مودتي واحترامي).
  • وعلى كتابه: عاشق من سدوم.. يقول: (كنت قد أعددت لك هذه المجموعات مخطوطة استعجالا مني حتى تطلع عليها أنت قبل الآخرين.. وذلك لما لك عندي من مكانة خاصة.. ولكن شاءت الأقدار ألاَّ تطلع عليها إلى وهي مطبوعة).
  • وعلى كل كتبه وإصداراته القيمة ترك كلماته الطيبة.. وكتب إهداءاته الجميلة.. التي أحتفظ بها كأطيب ذكرى من شاعرنا الكبير.. شاعر الوطن بلا منازع.

فهل أدركتم الآن أيها السادة:

كم كان وقع الكلمة الطيبة على نفسي كبيرا وعظيما.. وهل أدركتم أيضا كم كنا مقصرين في حقه وحق أمثاله من شعرائنا وأدبائنا المبدعين.. الذين لا نقيم لهم حفلات التكريم إلا بعد موتهم.. بينما كان الأجدر بنا وبهم أن نحتفي بهم ونكرمهم في حياتهم قبل مماتهم.. ليسعدوا بهذا التكريم وليشعروا أن ما قدموه لنا ولوطنهم.. لم يضع سدى ولم يذهب أدراج الرياح.. وأن ما زرعوه سيؤتي أكله ولو بعد حين.

رحل الشلطامي إلى جوار ربه.. إلى جنة الخلد بإذن الله.. ولم ينس أن يدعونا إلى مرافقته … إلى حيث هو راحل:

أنا راحل للشمس أركض
مركبي قلبي.. وضوء النجمة المتعالي
ماذا يضير الناس.. لو رحلوا معي
ما زال في قلبي مكان خالي

لكننا بجحودنا المعتاد.. تركناه يرحل وحيدا.. تماما كما عاش بيننا وحيدا.. رحمه الله برحمته الواسعة.

مقالات ذات علاقة

زهور المقابر

منصور أبوشناف

دعوة للقراءة

المشرف العام

بين دون كيشوت وميكافيللي

المشرف العام

اترك تعليق