في منأى الأنَا البعيد
في الحياة المجاورة
أطفالٌ في منأى عن الأحلام
يُقَلِّبُونَ الأبْصَارَ في السَّماء
الحُزْنُ كَسا القلوب
السَّواد علا الوجوه
أجْسَادٌ بروائح المَكَبَّاتِ تَعَطَّرَتْ
أكْبَادٌ عن عشق الحلوى عزفوا
رُوَّادُ جوامعِ الموائد المُرَصَّعَةِ بتوائم الأصناف
لحن الطاعة عزفوا
السَّامرون ملءَ الأحداقِ ـ على نخب التُّخْمة ـ
والصَّخب ملوثٌ بدخان النَّكهات
ينثرون ـ على نخب نكات ممنوعة ـ
قهقهات عاريات
لم يدرِ الهائمون بِسِحْرِ الأنس المسعور
أنَّ في الجوار فزعًا أصابَ مُرْضِعَةً خاويةً على صدرها
قد سَمِعَتْ طفلتَها بنبرة مخنوقة نادتها:
ماما..
ماما..
لم يَلْقَ ـ سمعًا ـ أنينَ شيخٍ ألقى بجرعة الأنسولين الأخيرة النافدة
من النافذة …
كَمْ جال ـ حتَّى التَّنَهُدِ ـ بعينين اثنتين مرتعشتين
في جوف قارورة السُّعال الفارغة
كجيب قميصه المُرَقَّع.
لم تُخْمدِ الصَّخبَ دموعُ جدةٍ تلحسُ ملعقةً لم يمسَّها مسحٌ
من شهر ونصفين
في منأى الأنا البعيد
في الدُّنيا المجاورة
في العالم الجديد
صَفَّا رَصًّا كما بين معدني الذَّهبِ والحديد
كالفَزَّاعاتِ أشباه أنسٍ
في صمت مُدْقِعٍ وقفوا
امرأة لم تبلغ عامها التسعين
في أقل من قَيْدِ صَوتٍ غَنَّتْ:
“حتَّى وهلك ما هم فيك ملزوم نغفرك يا دارهم”