المقالة

علاقة الاتزانية بالوضع المحلي والدولي

من أعمال التشكيلي المغربي خليل بوبكري (الصورة: عبدالمجيد رشيدي-المغرب)

نظرية الاتزانية لها علاقة وطيدة بالأوضاع التي تعيشها ليبيا والمجتمع الدولي ككل، ذلك أن الوضع الحالي لوطننا العزيز ليبيا ليس بمنأى عن الوضع الحالي للمجتمع الدولي والتجاذبات الحاصلة فيه بين المطالبين بنظام العالم متعدد الأقطاب الدولية والمطالبين باستمرار نظام العالم أحادي القطبية الدولية الذي كان سائدا ومهيمنا في السياسة الدولية نهاية القرن العشرين، إن التعددية القطبية المتوازنة تهدف إلى توازن القوى الدولية وسيادة التوازن في علاقات الدول والاتحادات الدولية ببعضها البعض وانتهاء مبدأ الهيمنة الدولية والتبعية والاستعمار الأمر الذي يحفظ الأمن والسلم الدوليين ويعزز استقلال الدول الحقيقي وسيادة شعوبها على أراضيها واقتصاداتها وينهي الصراعات الحاصلة في الأصعدة المحلية لدول العالم كونها محض انعكاس للصراع العالمي الرئيسي آنف الذكر، لقد بدأت تنتهي معالم النظام العالمي أحادي القطبية الدولية منذ مطلع القرن الواحد والعشرين وصوت مطلب التوازن والاتزان كان موجودا في القرن الفائت وفي كل وقت ولكنه لم يكن مسموعا ولم يكن مؤطرا كفكر عام عملي يمكن تطبيقه على كافة الأصعدة، وحدثت الحروب العالمية الأولى والثانية ونتائجها على الأصعدة الدولية والمحلية للمجتمع الدولي ككل، إنما اليوم امتداد الأمس وغدا امتداد اليوم، الحاضر متصل، فليستفيد العالم من أخطاء وصواب الماضي القريب والواقع الحالي معالجة للحاضر واستشرافا للمستقبل على الأصعدة الدولية والمحلية.

العالم اليوم يتجه إلى الاتزانية في العلاقات الدولية والمحلية على حد سواء ونظام العالم أحادي القطبية بدأ يقتنع بذلك تدريجيا ويجري التحول التدريجي بحرص شديد لتقلص مصالحه أمام الصالح العام لجميع الدول في ظل سيادة توازن القوى الدولية في علاقاتها ببعضها البعض وانتهاء الهيمنة والتبعية ومرامي الاستعمار وذلك ما يجنب العالم احتدام الصراع على الأصعدة الدولية والمحلية على حد سواء كلما ساد مفهوم الاعتدال والتوازن والاتزان في العلاقات الدولية أكثر فأكثر،  ويمكنك أن تشاهد هذا التحول العالمي التدريجي نحو التوازن بنظرة تأمل وتفكر في القوى الدولية الفاعلة في الشأن الليبي على سبيل المثال لا الحصر كيف كانت تتعامل هذه القوى تجاه بعضها البعض بحدية مع هذا الملف وكيف آلت إلى التوازن التدريجي بسبب صوت الشعب العميق وضميره الجمعي المناهض للتطرف والهيمنة والتبعية ومرامي الاستعمار والمريد للوحدة والأمن والاستقرار في ضوء الاعتدال والتوازن والاتزان على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية وهذا سيتجلى بإذن الله وفضله في الأوضاع التي تعيشها ليبيا أكثر كلما وقفت المكونات السياسية الداخلية أيضا – المحسوبة منها على النظام العالمي أحادي القطبية والهيمنة والتبعية والاستعمار – وقفة مراجعة واستدراك لأخطائها على كافة الأصعدة تدريجيا وتعزيز مصالح الشعب ومؤسساته فوق أية مصالح أخرى، والالتفات الحقيقي إلى صوت الشعب وعقله وضميره الجمعي وترجيحه على أصوات المصالح الخارجية أيا كان انتماؤها، وإرساء المصالحة الوطنية عبر السلطة القضائية وأعيان ومشائخ القبائل الليبية الفاضلة أي بالقانون والعرف معا في آن تتحقق المصالحة الوطنية ويزداد تعزيز الوحدة الاجتماعية للشعب الليبي الفاضل والتي بفضل الله لازالت متماسكة والوحدة الاجتماعية هي الضامن الرئيسي لوحدة الدولة ومؤسساتها السيادية فالشعب مصدر السلطات.

طالع: علي الحبيب بوخريص: أنني مقتنع بأن السياسة في معناها الراشد تصلح ولا تفسد!!

وها نحن اليوم نمضي جميعا بفضل الله إلى المصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسات السيادية تدريجيا ونيل الشعب لاستحقاقه الأصيل الدستوري والانتخابي القادم في ديسمبر 2021 ف ليقرر الشعب دستوره ورئيسه ونوابه ويتلاشى مرض العصر المتمثل في التطرف والإفراط والتفريط في كل شيء وتتلاشى الولاءات الخارجية بالداخل ومرامي أية استعمار أو هيمنة خارجية بالداخل على وجه العموم وليبيا لن تكون إلا للليبيين نابذين للتطرف والإفراط والتفريط في كل شيء ونابذين لمبدأ الهيمنة الدولية والتبعية والاستعمار، وتتكامل المنافع للصالح العام وتتعاطل المضار عنه على الدوام تدريجيا بالوحدة وتوحيد الجهود نحو تحقيق ما فيه الخير للصالح العام على كافة الأصعدة، مَعًا ضد التطرف والإفراط والتفريط في كل شيء، مَعًا ضد مبدأ الهيمنة الدولية والتبعية والاستعمار، مَعًا نحو المراجعة والاستدراك والتصالح والتسامح والتقابل والتعارف والاجتماع والتحاور والتشاور والتوافق على ما فيه الخير للصالح العام، معا نحو الاعتدال والتوسط بين كافة الأصعدة المعمول عليها، معا نحو التوازن وتوزيع الجهد بالتساوي على كافة الأصعدة المعمول عليها، معا نحو الاتزان وإعطاء كل شيء قيمته دون زيادة أو نقصان في كل صعيدٍ من الأصعدة المعمول عليها، معا نحو الموازنة المستمرة لترجيح المنافع ودفع المضار وتحصيل أقصى نفع وأدنى ضرر في كافة قراراتنا العامة والخاصة على حد سواء وفق ميزانٍ سليمٍ دون إفراط أو تفريط في كل شيء، معا نحو التعاون والتضامن والوحدة وتوحيد الجهود نحو تكامل المنافع للصالح العام وتعاطل المضار عنه على الدوام وفقًا لمهامنا المناطة بنا في شتى مجالات أعمالنا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحقيقًا لما فيه الخير للصالح العام خالصًا لوجه الله الكريم وابتغاءً لمرضاته والله ولي التوفيق.


ملاحظة: هذا المقال للكاتب هو من أجوبته حيال حوار مطول أجرته معه صحيفة بلد الطيوب بشأن كتابه (نظرية الاتزانية) وهي (فكر عام ضد التطرف والإفراط والتفريط في كل شيء يقوم على الموازنة المستمرة قبل إصدار القرار تكاملا للمنافع وتعاطلا للمضار تجاه الصالح العام على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحقيقا لما فيه الخير للصالح العام وفق ميزان سليم معا في آن باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان) والمعروض ضمن إصدارات الدار في معرض القاهرة الدولي للكتاب 30 يونيو 2021.

مقالات ذات علاقة

أين سُرّتي يا أمي؟

أحلام المهدي

الآن وهنا

عبدالرحمن جماعة

استراحة الخميس

علي باني

اترك تعليق