طيوب النص

يوسف حسين: أبحث عن القضايا التي تعيق مسيرة المجتمعات العربية

حاوره/ سالم الحريك

الكاتب المصري يوسف حسين

طرق أبواب المسكوت عنه وتناول قضايا اجتماعية مختلفة، يميل إلى كتابة الأعمال المأساوية، استفاد من تجربته مع دور النشر في اكتشاف الأخطاء وتصحيحها وتداركها في دار نشر “اسكرايب” والتي قام بتأسيسها منذ أكثر من عام إلا أنها خطت خطوات متسارعة نحو التميز وسرعة الانتشار وفق معايير وضوابط جيدة.

نلتقي في هذا الحوار مع الكاتب المصري ومدير دار اسكرايب للنشر والتوزيع يوسف حسين.

أنا أميل إلى كتابة الأعمال المأساوية.

س1/ من هو يوسف حسين وكيف تحب أن تقدم نفسك للقراء الكرام؟

يوسف حسين هو شخص بسيط، يجمع المشاكل التي تحيط بالبشر ويحاول أن يضع لها حلولا كثيرة، خاصة المشاكل المسكوت عنها.
يوسف حسين هو مرآة المجتمع بكل تناقضاته.

س2/ من خلال السيرة الذاتية الخاصة بك لم تدرس الأدب هل كان ذلك عن رغبة منك أم كانت لك رغبة بدراسة الأدب ولكن لم تكن الظروف مواتية؟

منذ نعومة أظافري وأنا محبُ للأدب، كنت أتمنى أن أدرسه، لكنني تراجعت بناءً على رغبة أبي.
لكن الآن والحمد أجمع بين كل التناقضات تماما كشخصي، أجمع بين الكلمات والأرقام وسعيد جدا بذلك.

س3/ على يد من بدأ يوسف حسين القراءة وأحبها وبمن تأثر في قراءاته المختلفة؟

أول من قرأت له وعشقت القراءة من أجله كان الكاتب الروسي “أنطون تشيخوف”، قرأت وانبهرت بكل أعماله الأدبية والمسرحية، ثم بعد ذلك تعمقت في القراءة عن طريق قراءة أعمال “دوستويفسكي”، ومعظم أعمال الراحل “نجيب محفوظ”، تأثرت جدا بمأساة دوستويفسكي في معظم أعماله ومن يومها أنا أميل إلى كتابة الأعمال المأساوية.

س4/ هل توجد قضية رئيسية تطرحها عادة في كتاباتك أم أن لا حدود لذلك فالأهم أن تكون مأساة قبل كل شيء؟

أبحث عن القضايا التي تعيق مسيرة المجتمعات العربية، وكانت أهم قضية طرحتها هي زنا المحارم، تلك القضية المسكوت عنها والتي تعد من القضايا الشائكة – رغم تفشيها في مجتمعاتنا بشكل مخيف هذه الأيام، إلا أنها مسكوت عنها، بطبيعة الحياء الذي تربينا عليه جميعا، مع ذلك طرحتها بشكل راق جدا، دون أن أخدش حياء الصنفين أو أتفوه بلفظ خارج عن قيمنا الأخلاقية، وبفضل الله العمل لقي نجاحا باهرا ووصلت الرواية إلى الطبعة الخامسة الآن، في غضون عام فقط.

أنا لا أكتب عن هموم النساء ولا أتعاطف مع نوع دون الآخر

س5/ هل صدرت روايتك عن دار نشر اسكرايب التي تديرها أم صدرت عن دار نشر أخرى؟

في الطبعة الأولى، صدرت عن دار اسكرايب بالمشاركة مع دار أخرى.
في الطبعة الثانية، كانت ثلاث دور نشر مشاركات فيها، من ضمنهن اسكرايب، الآن هي لاسكرايب فقط.

س6/ هل برأيك السبب الأبرز في نجاح الرواية هو طرح قضايا مسكوت عنها حسب وصفك أي طرق أبواب جديدة قل من يجرأ على طرقها؟

السبب الأبرز لنجاح الرواية هو الإهداء الخاص بها، والذي عندما طرحته هوجمت كثيرا بسببه من مدعي الثقافة، واعتقد الجميع أن الراوية ستحمل ألفاظا ومشاهد جنسية، ومن المضحك أن أكثر الذين هاجمونني هم أوائل الناس التي سعت لشراء العمل، ثم بعد ذلك المضمون والأسلوب والذي من خلاله اعتذر لي الكثيرون عن أحكامهم المسبقة في حقي والرواية.

س 7/ هل اتبعت في الإهداء أسلوب استفزاز مقصود ربما لإثارة فضول القارئ أم كان الأمر عاديا برأيك ولكن مدعي الثقافة حسب وصفك لا يريدون ذلك؟

بل اعتمدت في الإهداء على استفزازهم، وكان مقصودا جدا لهم، لأنني على دراية بأن بعض الدعاية السلبية نجاح للعمل، وقد فعل الإهداء الضجة التي أردتها وخططت لها.

الإهداء كان مستفزا للقارئ السطحي، كان يحتاج بعض التمهل وقراءته أكثر من مرة.

س8 / من يقرأ عناوين رواياتك يجد بشكل كبير تلك الدلالة الواضحة ربما على قلم يكتب هموم النساء وأبرز قضاياهن. أي محورية للقضايا الاجتماعية الخاصة بالنساء في ثقافتك وما سبب هذا التعاطف في مجتمعاتنا الذكورية كما يتم وصفها؟

أنا لا أكتب عن هموم النساء ولا أتعاطف مع نوع دون الآخر، ولا أتهم المجتمع بالذكورية، دائما ما أقول أن المفتاح بيد المرأة، وحدها فقط من تفتح للرجل، ولا يستطيع الرجل اقتحام أسوار المرأة إلا في حالات الشذوذ والأفعال اللا أخلاقية وهذه يعاقب عليها القانون.

أنا أتناول القضية بكل حيادية، لا يهمني البطل رجلا أو امرأة، الأحداث هي من تحكم على البطل إن كان مظلوما أو ظالما.

س9 / ظهر مؤخرا أيضا ما يسمى ربما بأدب النساء أو تلك المنشورات الأدبية التي ترتكز في أساسها على القضايا النسوية. ما رؤيتك في ذلك، وهل ترى أن المرأة عندما تكتب عن الرجل ستكون منصفة أم ستكون ردة فعل متجاوزة على واقع سيء؟

الأدب لا يعترف بهذا اللقب نهائيا، فهناك أديبات استطعن أن يحفرن أسماءهن وسط عمالقة الأدب، أما ما ظهر مؤخرًا وصُنف هكذا هو مجرد ردة فعل للنساء وهجوم غير مبرر على الرجال وكأنهن محاميات يقدمن دلائل الإثبات التي تدين الرجل بشتى الطرق أمام قاض من نوعهن.

كما ذكرت آنفًا المرأة بيدها مفتاح كل شيء وأن وقع عليها ظلم، فهي من خضعت وارتضت به منذ البداية.

النشر الورقي في العالم العربي يعاني من أزمة حقيقية

س10/ ندخل الآن إلى عالم النشر. باعتبارك مدير دار نشر اسكرايب ما تقييمك لواقع النشر بشكل عام حسب معرفتك؟

النشر الورقي في العالم العربي يعاني من أزمة حقيقية، في غياب دور وزارات الثقافة والدعم من الحكومات، فالوطن العربي الآن به الكثير من الأقلام الواعدة التي تستحق أن تجد فرصة حقيقية في إظهار مواهبهم.

أرجو أن تنظر الجهات المختصة للكاتب ودور النشر بعين النظرة، فالأدب فكر الأمم وتحضرها.

س11/ ما أكثر الصعوبات التي واجهتها فيما سبق مع دور النشر ككاتب وهل عملت على تلافيها في تعاملك مع الكتاب الذين يختارون دار نشر اسكرايب لنشر أعمالهم؟

الصعوبات التي واجهتني سابقا، كان أولها التدقيق اللغوي ولاحظت أن معظم الدور تدون في الترويسة فريق العمل الذي يحمل بالطبع اسمها، لكن العمل يُنشر كما هو دون أي تصحيح فيه، تعاملت مع هذه المشكلة واخترت أكفأ المدققين لغويا، يتم المراجعة بعدهم أيضا من مدقق مختص للمراجعة.

كما أن هناك نقطة التوزيع وهي النقطة الأصعب والأهم في عالم النشر وما زال العديد من الكتاب يعانون منها مع معظم الدور، وقد استطعت بفضل الله أن أوزع الأعمال التي على عاتق اسكرايب على أوسع نطاق، وفي مختلف الدول العربية، وما زلت أبحث عن الجديد بالنسبة للتوزيع.

كما أنني لاحظت الدعاية المنعدمة من الدور على أعمال الكتاب، وكذلك بعض الكتاب الذين يتقاعسون عن متابعة أعمالهم أنا من ألاحق الكتاب حاليا لمتابعة عملهم ومتابعة الدعاية الخاصة بها.

س12/ على الرغم من حداثة تأسيس الدار إلا أن استطاعت اصداراتها لجوائز عربية ودولية. ما السر في ذلك؟

راقبنا الآخرين ورأينا أخطاءهم، فتفاديناها وتعلمنا كيف نسير على النهج الصحيح قبل أن نبدأ، وتعاهدنا على المصداقية ومراعاة الضمائر في العمل وكان الله معنا.

نحن لا نقبل الأعمال قبل مناقشتها مع الكاتب، في كل كبيرة وصغيرة فيها، ونطلب تعديلات حتى يظهر العمل بالشكل الذي يرضينا ويرضي القراء.

جودة الأعمال التي نقبل نشرها والعمل عليها، وكذلك لدينا عمل مرشح هذا العام إلى جائزة البوكر.

س13/ تصدر عن الدار كتب ومؤلفات في شتى المجالات هل ستستمرون في هذا التنوع أم ربما تنحصر الدار في النشر فقط في بعض المجالات؟

بل سنستمر في هذا التنوع والأيام القادمة، سيكون لدينا أعمال عدة في مختلف المجالات العلمية.

س14/ ماهي المعايير الأساسية التي تعتمدها دار النشر في قبول الأعمال؟

اللغة ومفردات الكاتب والأسلوب والبعد كل البعد عن الركاكة في الأسلوب والفداحة في الطرح.

الأفكار الهادفة التي تحمل رسائل تفيد المجتمع.

المواد العلمية التي تفيد المتخصصين في مجالهم.

تريثوا قبل خوض التجربة

س15/ ما نظرتكم للترجمة هل تسعى الدار ربما وبالتنسيق مع الكتاب لترجمة بعض الإصدارات إلى لغات أخرى؟

بالفعل قمنا بذلك، وتمت ترجمة أربعة أعمال من إصدارات الدار إلى اللغة الإنجليزية.

“أمريكا كاكا” للكاتب السوري عبد الباقي يوسف.

“سلطان حمير” للكاتبة اليمنية منى ناصر بارويس.

“وكانت عيونها زرقاء” للكاتب المصري معاذ خيري.

“صمتا رجاءً” للكاتب المصري حسن أشرف.

وحاليا العمل الخامس قيد الترجمة رواية “سيد العروش” للسيناريست المصري إسلام محمود يوسف.

س16/ ما هي النصيحة التي تود توجيهها للكتاب الشباب الذين لم يخض تجربة النشر حتى الآن؟

تريثوا قبل خوض التجربة، راجعوا أعمالكم كثيرا، فاللهفة والتسرع في النشر لا ينتجان إلا إعاقة لكم.

س17/ عودة إلى يوسف حسين الكاتب ما هي الأهداف المستقبلية على صعيد الكتابة الشخصية وثم الأهداف الخاصة بعمل دار نشر اسكرايب؟

الهدف الأساسي أن تصل الرسائل التي أضعها في كتاباتي إلى عامة الناس، أن تصل إلى كل بقاع الأرض، أن يستوعبها الكثير من الناس، أن أشعر أنني قضيت مهمتي في هذه الحياة، فمنذ دخلت هذا العالم وأنا أعتبر الكتابة رسالة على عاتقي، لا بد أن تصل.

أما بالنسبة لاسكرايب، فأتمنى أن تظل أعمالها هادفة وتحقق للكاتب ما يتمناه ويبتغيه من خلالها، وأن تصبح من الدور العالمية، كي تكون مهمتها في إيصال الأعمال أيسر من ذلك.

س18/ كلمة أخيرة في نهاية الحوار؟

إلى الحكومات، اهتموا بأدباء العرب الشباب، فهناك فكر يقود أمم، ومواهب تستحق الإشادة والتطور والتباهي بها أمام العالم.

إلى الشباب، اقرؤوا، فإن في القراءة حياة.

إلى الكتاب المبتدئين، اقرؤوا أيضا، فالقراءة منهج الكاتب الحقيقي.

مقالات ذات علاقة

دعني أبحث لك عن عذر

المشرف العام

إلى عمر المختار

المشرف العام

ضمة يبدأ مشواره بغياهب القصة الليبية

المشرف العام

اترك تعليق