قصة

حزام الأمان

من أعمال التشكيلية والمصورة أماني محمد
من أعمال التشكيلية والمصورة أماني محمد

بهدوء يتقدم، فيما حذاءه يصدر شيئاً يشبه الصرير، وهو يطحن تحت قدميه بقايا العشب الجاف لما بعد الحصاد، فيما زادت شدة الريح تحسو التراب لتلقيه على وجهه وتملأ عينيه.

أخير قفز إلى السيارة، أدار المحرك وانطلق كسهم يمرق من قوسه، مد يده تجاه آلة التسجيل التهمت القرص وبدأت الموسيقى تنساب في هدوء. زاد من ضغطه على دواسة البنزين وأخدت العجلات تصدر صلصلة وهي تنهب الإسفلت تحتها، ركز نظره على الطريق، أصبحت أمامه خيطا أسوداً يتلوى تحت عجلات السيارة، ولكن دوي قوي للحظة، أدرك أن أحد الإطارات قد انفجر.

كانت السيارة عبارة عن كتله من الحديد الخردة تتلوى بجانب الطريق في رقصة موت حقيقية، تذكر عندها انه في هذا المكان تقريبا قبل سنين سحقت رأس قريب له، أغمض عينيه واسودت الدنيا، لم يعد يذكر شيئا، سوى أن يدا تمتد له وصوت قريبه:

– الحمد لله على السلامة.. طلعت من عينها.. لم ينقذك إلا أنك كنت قد وضعت حزام الامان الذي أبقاك داخل السيارة وهي تتلوى تم تنكفئ على ضهرها كسلحفاة.

لحظتها دخل الطبيب يحمل صورة الأشعة بيده: بعض الكسور في الأضلاع والساق، تحتاج لبعض الوقت سوف نتخذ ما يلزم.. غادر الطبيب الغرفة.

شعر بأن كل جسمه قد تحول الى كرة من ألم، كله يوجعه، لا يستطيع أن يحدد مكان الألم، ولكنه تذكر أن حياته كانت معلقة بذلك الإعلان الذي وضع على التلفاز، شاهده قبل أن يغادر المنزل (لا تنسى أن تضع حزام الأمان، فقد يكون بينك وبين الموت أن تضع حزام الأمان)، حمد الله أن ألهمه وهو يهم لحظة الانطلاق، أن سحب الحزام حوله وشده إلى المقعد.

ودمتم بأمن وسلام..

مقالات ذات علاقة

صدفة عابرة

مقبولة ارقيق

قصة الحاج الزروق والحاجة مدللة وثورة فبراير!

المشرف العام

ايزادورا

المشرف العام

اترك تعليق