أيقظني من شرودي ذلك الصوت الجهوري وهو ينادي على إسمي ،أخيراً جاء دوري ليكون لي جواز سفر ..
لم تكن هذه أول محاولة فقد كنا هنا منذ أسبوع كان الجو بارداً رغم إنه بداية الربيع في أحد أيام شهر مارس قطعنا تلك المسافة الطويلة بشيء من الخوف والريبة فقد كان على جانبي الطريق أثار وبقايا سيارات محترقة وكنا في كل استيقاف نشعر بالقلق من ان يكون وراءنا سيارة مفخخة..
وصلنا إلى هناك باكراً لنجد الأبواب مازالت مغلقة والزحام شديد، وبعد ساعة من الوقوف فتح الباب وتدافع الجميع كلً يريد أن يدخل أولاً.
في هذه الأماكن تفقد أدميتك تشعر وكأن كرامتك قد سقطت منك وأحدثت صوتاً …
كان المكان ضيقاً جداً بالنسبة لهذا العدد الذي تم اعطاؤهم موعداً (للتصوير) وهذه الكلمة هي التي يتداولنها بينهم؛ فقد تم تقسيمه بين مكان النساء وأخر للرجال ومساحة في المنتصف خليط بينهم وكان هناك باب أخر مغلق …
كنت محظوظة وتحصلت على كرسي نظرت إلى جانبي وجدت فتاة سمراء واقفة تجر أمامها كرسي متحرك به سيدة كبيرة تبدو من الشبه إنها أمها ويبدوا عليهم التعب والإرهاق؛ مالت علي وقالت لي نحن من الجنوب وصلنا ليلة البارحة أنا واخي وأمي ولم نجد مكان نبيت فيه وبقينا في السيارة حتى الصباح ..
كان التعب بادياً عليهن وملابسهن في حالة سيئة جداً وكانت تنظر إلى الباب بين لحظة وأخرى ..
عاودت محادثتي قائلة نريد أن نذهب لعلاج أمي وليس لدينا جوزات سفر، هززت لها رأسي وبدأت أشعر بالاختناق فقد اختلطت الأصوات العالية برائحة دخان السجائر وهناك من يبيع الشاهي في أكواب بلاستيكية صغيرة يشق طريقة بين هذا الزحام وكأنك موجود في أحد المقاهي الشعبية …
شعرت بحالة من الغثيان وأردت الخروج حتى لو لم أنهي ما تعبت من أجله، وأنا أفكر بذلك زاد الهرج والمرج وسمعنا صوت عالي يقول (المنظومة عطلت) عودوا الاسبوع القادم ..
سمعت شهقة تلك الفتاة تعلو على كل هذه الفوضى والهمهمة وقالت بصوت عالي لقد قطعنا (400) كيلومتر وبتنا في السيارة وبدأت تبكي؛ شعرت بالارتباك بين أن أواسيها أو أخرج مسرعة فقد شعرت فعلاً بالاختناق وبدأ التزاحم من جديد هذه المرة للخروج وعلى وجوهنا خيبة وخاليين الوفاض ..
هذا الاسبوع عدت ولكن كان معي (توصية) من شخصية مهمة.
تكررت نفس المشاهد وكان هناك وجوه جديدة لكل منها قصة ومعاناه، وبعد انتظار ليس بطويل سمعت من ينادي علي دخلت بين الزحام وعندما أنهيت كل شيء وخرجت وجدت تلك الفتاة ووالدتها ينتظران في الخارج، لوحت لي وهنأتني وهي تبتسم شعرت بالخجل فقد كانت أمها وهي أولى مني للدخول، ولكن في وطني من لا واسطة له يظل دائماً ينتظر رحمة السماء.
المنشور السابق
المنشور التالي
هدى القرقني
هدي مصطفى القرقني.
مواليد مدينة درنة.
بكالوريوس في العلوم السياسية، جامعة الفاتح سابقاً.
مقيمة في الكويت.
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك