على خلفية تصريح مفتي الديار الليبية.. مثقفو ليبيا:
من غير المعقول استخدام الدين لغرض التأثير على رأي الناخبين
استطلاع ـ معتز بن حميد
.
البعض اعتبر تصريحاته خرقا للقانون الانتخابي وتجاوزًا للصمت الانتخابي، ومنهم من اتهمه بأن تصريحاته موجهة بخلفيات وأجندة خارجية.. وآخرون ذهبوا بتصريحاته مذهب المشككين في وطنيته.. كل هذه الاتهامات تعرض لها الشيخ الصادق الغرياني مفتي الديار الليبية على خلفية تصريح أدلى به للعامة أثناء عملية الحملة الانتخابية بخصوص إعطاء أصواتهم لأفراد أو أحزاب معينة ـ لم يذكرها الشيخ تحديدا ـ وبشكل مباشر..
لذا كان لزاما علينا أن نستطلع في أمره من عدة شخصيات ليبية مثقفة ومهتمة بالشأن الانتخابي والسياسي، ولهم في أنفسهم حيادية التوجه، وسألناهم عن رأيهم في تصريحات مفتي الديار الليبية “الصادق الغرياني” من حيث جائزيتها، توقيتها، ومدى اختراقها للصمت الانتخابي، وأيضا تأثيرها السلبي أو الإيجابي؟؟
لم تكن قانونية
من وجهة نظر الكاتب والناشط السياسي عزالدين اللواج، أن تصريحات مفتي الديار الليبية لم تكن قانونية أو جائزة وذلك لأسباب عدة يأتي في مقدمتها محاولة السيد المفتي توظيف المقدس الديني في العملية الإنتخابية وذلك من أجل أن تكون الكفة لمصلحة تيارمعين على حساب تيارات أخرى تتنافس في انتخابات المؤتمر الوطني…
وأشار اللواج، إلى أن تصريحات الشيخ الصادق الغرياني تذكرنا بسلوكيات رجال الدين في القرون الوسطى حيث صراع الديني مع السياسي في أوروبا فإن عدم اكتراث معظم المواطنين الليبيين بنصائح مفتي الديار الليبية تؤكد على أن أي مقاربة مستقبلية للديني يجب أن تتكيف مع الواقع المجتمعي والنفسي القائم في ليبيا وهو واقع كما نعلم يميل للإسلام الوسطي المعتدل الذي يتفاعل مع معطيات البيئة المحلية ويبتعد عن ملامح ومضامين كل من الإسلام الرسمي الحكومي والإسلام المتشدد والمتطرف.
قد أوضحت هذه الحادثة مدى حجم الهوة التي تفصل بين خطاب مؤسسة الإفتاء وبين واقع النسيج المجتمع الليبي…ويبقى المهم أن يستوعب بعض الإسلاميين هذا الدرس جيدا وأن يدركوا إن الرهان على العنف الرمزي هو رهان بائس وغير مجدي في زمن ثورات الربيع العربي….
خطأ استراتيجيا
ومن جانبه يقول الروائي محمد الأصفر، أنه على مفتى ليبيا أن يهتم برؤية هلال رمضان وتحديد يوم الأضحى الذي يجب أن يكون بعد الوقوف على عرفة.. لافتًا إلى أنه منذ أن تم اختيار الغرياني مفتياً للديار الليبيية كتبت في حسابي في الفيس بوك إن المجلس الانتقالي والتنفيذي ارتكب خطأ استراتيجيا ..
وذكر الأصفر، أن الدين هو علاقة الإنسان بربه وليس علاقته بالحياة وسياسة الدولة المفتى الغريانى درس الفقه والتجويد وأحكام الشريعة الاسلامية ولم يدرس السياسة ومن هنا نأمل أن لا يدس رجال الدين أنوفهم في السياسة وليتفرغوا لما درسوه في الكتاب والتكايا، موضحًا أن السياسة علم وغير المؤهل عندما يتعاطاها سأراه مثل شخص ليس طبيب يريد أن يجري عملية جراحية لمريض.
وبحسب رأي الروائي” أنا ضد مفتى الديار الليبية والذي احترم تضحياته ودوره في الثورة لكن أقول له اترك السياسة لناسها وتفوق في مجالك الديني لتشرف ليبيا ولتكون عضوا في كل المنظمات والمؤتمرات الخاصة بالاسلام العالمي .. تصرفه بانتقاد العلمانيين ,اصحاب التوجه غير الاسلامى تصرف خاطئ أربك العملية الانتخابية وأثر فيها مما جعل النتائج لا تأتي بصورة نزيهة وشفافة فمثلا الاسلاميين كان لهم دور كبير في الثورة وقدموا التبرعات والدماء فكيف لا يحققون أغلبية ويحققها الآخرون الذين لم ينزفوا قطرة دم في سبيل الوطن وقضوا أيام الثورة والصراع وفي تجرع الفودكا في فنادق خمس نجوم على حساب الشعب .. أنا نظريا مع الديمقراطية وما يأتى به صندوق الانتخاب لكن أشعر في قرارة نفسي أن الاسلاميين قد ظلموا ونأمل من التيار الفائز أن يعاملهم وفق سياسة الشريك وليس المهزوم”
لن نعترف بمؤسسة دينية
وفي السياق عينه يقول الكاتب والشاعر الصديق بودوارة ” نقدر المفتي ونثمن دوره الكبير ونحمل له كل الإجلال .. لكننا نقول له الآن : لا يا سيادة الشيخ .. لا وألف لا ..
لن نسمح لليبيا أن تكون إيران ثانية يحكمها الملالي من وراء الكواليس .. ولا أعتقد أن للمؤسسة الدينية دور رقابي على الديمقراطية التي استشهد من أجلها الآلاف .
لن نعترف بمؤسسة دينية من الأساس .. كلنا مسلمون .. وكلنا نعبد الله ونصلي على رسوله .. ولن نسمح بدور رقابي أو تسلط من أحد على الديمقراطية .. دع الأمر يا شيخنا الجليل لصندوق الاقتراع .. وسنرضى جميعاً بما يقوله الصندوق .
استخدام الدين
وأوضح مدير تحرير صحيفة الأحرار أحمد الوحيشي، صحيح أن الشيخ الصادق بن عبد الرحمن الغرياني قد تم تكليفه بمهمة مفتي البلاد منذ عدة أشهر من قبل المجلس الوطني الانتقالي وبتزكية عدد من المشائخ ولكن الشيخ لم يراع أهمية أن يكون جانب الافتاء من عدد من مشائخ البلد الذين عبروا عن استيائهم لما حدث بتكوينهم رابطة علماء ليبيا والتي ضمت عددا من علماء الفقه الأجلاء .
واعتبر الوحيشي، عملية اختراق الصمت الانتخابي الذي قام به الشيخ الصادق الغرياني واستخدام الدين لغرض التأثير على رؤية الناخبين لأي من التيارات السياسية المطروحة على الساحة هو الأمر الذي جعل غالبية الليبيين يصوتون إلى التيارات غير الدينية في الشعارات ولكن إسلامية المضمون لخوفهم من إمكانية التستر بالدين لتسويق أي أمر في المستقبل بمدعاة المخالفة الشرعية حسب أهواء المفتي وحسب التأثيرات التي من الممكن أن تحدث له من قبل حاكم البلاد في المستقبل وهو ما نراه واضحا من تسييس الفتاوى في عديد البلدان العربية والاسلامية .
وأضاف، نجد أن عموم الشعب الليبي يرغب في ممارسة شعائره الدينية دون أن يتم فرض تيارات سياسية عليه، خاصة اذا أخذنا في الاعتبار الإعلان الذي قام به المجلس الانتقالي من أن الشريعة الاسلامية مصدر رئيسي في التشريع وهذا الأمر لا تختلف عليه التيارات السياسية المطروحة على الساحة الآن وأن اختلفت في طريقة التطبيق .
ورأى الوحيشي، أن استخدام الشيخ الصادق الغرياني للوعيد بالدين وعدم إيضاحه الاسباب الخاصة بذلك أمر يدعو للخوف لتحريم وتحليل ما يتفق مع اجتهادات المفتي وما يختلف معها وهنا من المهم جدا أن يكون مفتي الديار مرتبطا بهيئة علماء تقرأ الحالة من جميع جوانبها قبل اصدار الفتوى دون أن تؤثر على رأي الناخب أو المواطن في أي أمر من الأمور في المستقبل فالوعي الديني الذي يسعى له مشائخ البلد يحتاج أن يفعلوا الأدوات التي يستخدمونها وأن لا يقتصر دورهم على المساجد والمناسبات الدينية وأن يواكبوا قضايا العصر أولا بأول وأن لا يتم استخدام الدين لأغراض سياسية .
ومن جانبه طالب الشاعر الصادق السوسي، فضيلة المفتي بتوضيح تلك الفتوى التي صرح بها، ولم كانت؟ وعلى ماذا استند؟.. أما بخصوص التوقيت فهل هو ملزم بالصمت الانتحابي؟ وأخيرا لا بد على مفتي الديار أن تعمم فتواه على كل المؤسسات الليبية إذا كان ما يقوله حقا وقويا.. لا أن يكون تسريبا وكأنه مفاوضات سرية.. أنا اشتم رائحة فتن، في بعض الأمور التي تسرب.. عموما لابد من خروج الشيخ للإعلام وتفسير ذلك علنا لنحسم الأمر معنا أو معهم..!!!
إننى مصرُّ على رؤية نصف الكوب الممتلئ ولنحاول أن نري أين النور عندما يلجنا الليل بسواده.
الابتعاد عن الحياد والموضوعية
ويرى الشاعر والمذيع أحمد العبيدي، أن التصريحات التي تصدر بخصوص الانتخاب في هذا التوقيت حساسة جدا ولها تاثيرها السلبي أكثر من الإيجابي ..وبالذات اذا خرجت من شخصية مثل شخصية “مفتي الديار” لأنه هو المرجع لكل الأمور العالقة والمشاكل الغامضة إذا كان تصريح مفتي الديار الليبية واضح للعامة في مسألة الانتخابات، وأنه ابتعد عن الحياد والموضوعية وأصبح يركن الي جهة ما بطريقة مباشرة وغير مباشرة هنا كان الوقع علي الناس مثل الصاعقة ويكون تاثيره سلبي جدا وقد يؤدي إلي صراعات تصل إلي القتل.. وهذا الأمر غير معقول يصدر من شخصية أو جهة نعتبرها الفيصل والمستقل ..
وأكد العبيدي، أن خروج مفتي الديار في مثل هذه الأزمنة والتواقيت الحساسة في مصير ليبيا يجب ان يكون في صالح العام والابتعاد عن الميول وبدون أي ضغوطات أخري ومراعاة الوضع أو الشان الليبي …وإلا فإن الأمور ستأخذ منحني آخر وهو الصراع واستخدام القوة والفوضي.. وهذا مالا اتمناه ..المواطن أصبح علي دراية بكل الأمور.. أرجو من أي جهة كانت عدم استغفال الناس واحترام عقولهم ..
البحث والتحقيق
ومن جهته يقول الكاتب والصحفي خالد درويش، أنه من حق أي شخص أن يقول رأيه ويعبر عنه بالطريقة التي تناسبه دون تجريح أو تهديد أو وعيد أو تطرف وهذه من أبسط الأشياء التي تكفلها لنا النواميس الطبيعية ومن أهمها حق الرأي،عليه فإنها حين تصدر من شخصية اعتبارية ومؤثرة في الوطن فهنا علينا أن نضعها تحت خط التمحيص والبحث والتحقيق.. فهل يحق لشخصية اعتبارية في ليبيا بحجم الدكتور الصادق الغرياني حفظه الله مفتى الديار وراعي الدين الأول في البلاد هل يحق له أن يتحيز ضد حزب معين وأن يتحالف مع حزب معين وأن يوجه الناس إلى إتجاه أو تيار معين.. قال تعالى: “لايجرمنكم شأن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى”..
كذلك أظن أن في تصريحه اختراق للصمت الانتخابي، وللحق الذي هو أحق أن يتبع..ـ
الحيادية
أكد رئيس تحرير صحيفة الجمهورية سامي المجبري، إن العملية الانتخابية في ليبيا، ومن وجهة نظره ـ كأحد المراقبين ـ تمت بطريقة منظمة وراقية وشفافة، وقد شابتها بعض الأخطاء التي أرى بأنها طبيعية وعادية جداً، كون أن الشعب الليبي يعتبر آخر شعب في العالم، يخطو خطواته نحو الديمقراطية الحقيقية، باعتبار أن ثقافة الانتخاب في ليبيا هي وليدة بالنسبة لنا بخلاف معظم دول العالم، التي تمرست في العملية الانتخابية، وتمرست في التعامل مع صناديق الاقتراع، بغض النظر عن كون بلادهم تمرس الديمقراطية الحقيقية، أم لا،
وأؤكد للجميع أن العملية الانتخابية كانت عملية ناجحة جداً وعلى مختلف الأصعدة، وللأمانة أنا أثق كثيراً في نزاهة النتائج، وأنا واثق بأنه لن يكون هناك تزوير، وبالمناسبة أحب أن أوجه تحية للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وأهنئ كل العاملين بها على تفانيهم في العمل، من أجل ضمان نجاح العملية الانتخابية في ليبيا، وهذا يؤكد بأننا كلبيين نجيد التعامل مع جميع الأزمات، ولن يقف شيء أمام رغبتنا في إقامة دولة ديمقراطية، وكما راهن البعض أثناء الثورة بأن الحل في ليبيا لن يكون إلا سياسياً، راهن البعض أيضاً على فشل الانتخابات في ليبيا، ولكن الليبيين دائماً يخالفون توقعات الكثير من المحللين والسياسيين في العالم.
وقال المجبري ” صدرت أثناء العملية الانتخابية عديد التصريحات، والتي كان من المفترض عدم خروجها، خصوصاً أثناء مايعرف بالصمت الانتخابي، ومنها وتصريح مفتي الديار، الذي حسب وجهة نظري تدخل في سير العملية الانتخابية، باعتبار أن الجميع يدرك مدى تأثير كلام الشيخ الصادق الغرياني في نفوس الليبيين، وأعتقد كان من باب أولى أن يوجه خطاباً يتسم بالحيادية، ويحث الليبيين على المشاركة بفاعلية في العملية الانتخابية، وأن يحثهم على أن يحرصوا على انتخاب الأكفأ للمرحلة القادمة.
وبالتالي حسب ظني أنه أحد الذين اختراقوا جدار الصمت الانتخابي، كما اخترقه غيره، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا ستفعل المفوضية إزاء هذا؟ وهل ستقوم المفوضية، بتطبيق القوانين التي تنص على عدم اختراق الصمت الانتخابي أو على من يقوم بإدلاء معلومات تؤثر على سير العملية الانتخابية، وتصل عقوبة ذلك للسجن؟.
تأثيرات سلبية
ويقول المجبري ” مع احترامي الشديد لمفتي الديار الذي لا ننكر عليه حبه لهذا البلد، ولا ننكر عليه نضاله، ضد الطاغية، ولكن اعقد أن ماصرح به كان خطيراً جداً وله تأثيرات سلبية على العملية الانتخابية، وهذا من وجهة نظري الشخصية، وأعتقد أنه من الضروري جداً أن يتم إيضاح هذا الأمر للشعب، سواءٍ من قبل مفتي الديار، أو المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
استغلال
وحسب رأي الإعلامي ماهر الشاعري ، أن هذه التصريحات انطلقت وفي وقت حرج للغاية إذ يعتبر هذا التصريح اختراق لما يسمى بالصمت الانتخابي، بغض النظر عن أن معظم الليبيين يعتبرون الفتوى من قبل مفتي الديار جائزة مهما كانت صحتها ، وسببت إرباكاً كبيراً لدى عامة الليبيين ولكن ما رأيته في الشارع الليبي يوم الانتخاب يؤكد أن هذه الفتوى ضرب بها عرض الحائط أي أن مفتي الديار استغل منصبه على تيارات ممنهجه فلا يجوز لمفتي الديار استغلال مكانه من ناحية ، وبكل تأكيد إن هذه الفتوى كان لها تأثير على بعض الليبيين وكان لها تأثير على الحملة التي قام بها تحالف القوى الوطنية، وما استنتجته أن مكانة الشيخ صادق الغرياني تضعضعت في عيون البعض بسبب بعض الأجندة التي يجهلها أغلب الليبيين.
تعليق واحد
هناك مشكلة رئيسية لذى الشعوب المتخلفة و حالة التردي الفكري التي تعانيها وهذا ما تجاوزه الغرب منذ العصور الوسطى! إنه الطمع المقيت الذى يعاني منه المنافقين للوصول للجنة رغم كونه لا وجود للمنافقين بالجنة!
يختبئ مستغلي دين الله وراء عباءة الدين لكونها ترهب البسطاء حيت لا تفكير مع الدين!
ما لم تدرك الشعوب المتخلفة كون من يختبؤون وراء عباءة دين الله هم بشر مثلنا و لا يجب النظر أو الحكم عليهم من خلال قداسة الدين!
فهم بشر لديهم خصائص نفسية مثل باقي البشر أي يسرقون و يقتلون و يرتكبون المحرمات و يحقدون و يكيدون و غير ذلك و هذا معروف لذى الجميع.
عليه لا بد من خلع عباءة الدين عنهم للحكم عليهم و تبين قدرهم الحقيقي دون الاختباء وراء الدين للتستر و لإخفاء مساوئهم و خداع البسطاء, عليه كل من يستغل الدين لأغراض غير أخلاقية كأن تكون مصالح شخصية أو مصالح جماعات لابد من تجريده من الأداة التي يستغلها لإرهاب العامة من البسطاء, فالعلم و العقل و الوطنية هم المقياس و ليس استغلال مشاعر البسطاء.
لكن واقع الحال يقول كون البدو لا يقودون للحضارة!