حولت مصلحة الآثار الليبية افتتاح أول متحف آثار في مدينة سوسة شرقا بعد الثورة، إلى مناسبة لتوجيه رسالة إلى العالم وإلى الداخل الليبي “تعكس الأمن والأمان بليبيا الجديدة وتحث الليبيين على الاهتمام بموروثهم الحضاري”. ويحوي المتحف مخطوطات عربية وإسلامية ترجع إلى القرن الثامن الهجري، إلى جانب القبر الروماني الذي أعيد استخدامه في العصر المسيحي، ومجموعة من الآثار النادرة التي تعود إلى العهد الروماني خلال القرن الثاني الميلادي.
كما يحوي المتحف على لوحة فسيفساء من الموزييك جلبت من موقع كنيسة رأس الهلال التي تحولت إلى مسجد عند دخول الإسلام إلى ليبيا في القرن السابع الميلادي. وتضم قاعاته قطع الفخار الثمينة ورسومات لأعياد إله أثينا التي كانت تنضم كل أربع سنوات في العهد الإغريقي، بالإضافة إلى أنواع من المصابيح الملونة الإغريقية والرومانية والبيزنطية.
فسيفساء
أما قاعة العصر البيزنطي (القرن السادس الميلادي) فتضم لوحة فسيفساء تصور النبي يطلق الحمام الزاجل. ويضم أحجار حدود الأراضي ترجع للعهد الروماني في القرن الثامن الميلادي باللغات الإغريقية واللاتينية لتنظيم الحدود بين الزراع. وتحدث مدير المتحف أبريك كوينين للجزيرة نت عن قطعة آثار، قال إنها إحدى القطع التي تعكس حجم أهمية المتحف، وهي “قصطة” ترجع إلى نهاية القرن الخامس قبل الميلاد لسيدة منحنية تفتح صندوق ملابسها، مؤكدا أن السيدة كانت تؤدي طقوسا قبل فتح الصندوق وفقا لعقائدها الوثنية.
من جانبه، وصف رئيس مصلحة الآثار صالح عقاب الحدث أمس، بأنه عرس كبير، مؤكدا أنهم يودون القول إن ليبيا الآن آمنة. وقال إن ليبيا احتفلت لأول مرة في تاريخها باليوم العالمي للمتاحف، مؤكدا في تصريح للجزيرة. نت أنهم يودون القول اليوم إن ليبيا آمنة. واعتبر أن أهم رسالة للافتتاح توجيه عدة رسائل للداخل والخارج، “حيث على الليبيين الاهتمام بموروثهم الثقافي والحضاري، مع التأكيد على أن ليبيا تجاوزت الآمها وأحزانها وبدأت على طريق البناء والتطوير. وفيما إذا كان الافتتاح ردا على تحذيرات اليونسكو لليبيا قبل أيام من استهداف مدينة غدامس الأثرية، رد العقاب قائلا إن المواقع الأثرية الليبية لم تتعرض إلى أخطار طيلة الحرب لإسقاط نظام معمر القذافي، مؤكدا أن مصلحته تلقت رسالة تقدير وشكر من المدير العام لمنظمة اليونسكو آرينا باكوفا تشيد بــ”ثوار ليبيا” والثورة والدور غير المسبوق لحماية المواقع الأثرية، مشيرا إلى أن الأخبار المسربة جاءت نتيجة تخوف اليونسكو من النزاع المسلح بغدامس.
قيمة حضارية
وعن أهمية المتحف قال مسؤول مراقبة آثار سوسة ناصر عبد الجليل للجزيرة نت، إن المدينة التي أسست منذ القرن السابع قبل الميلاد كانت من أكثر المدن التاريخية تهميشا في عهد القذافي، مؤكدا أن نظام العهد السابق حاول الترويج بأن الآثار رمز للاستعمار الإغريقي والروماني، وليست لها صلة بالتاريخ والحضارة العربية، مضيفا أن بعض الشباب حاليا ينظرون إليها من زاوية ضيقة، وليس على أنها قيمة فنية وحضارية تتعلق بتاريخ الآباء والأجداد. وتحدث عن تعليم الآثار، وقال إنه أصبح جزءا من مناهج المؤسسات التعليمية حاليا، مؤكدا أنه رغم بساطة افتتاح المتحف الأثري، لكنه يعد مناسبة للإعلان عن مكوناته والدور الحديث للآثار في مرحلة التطوير والتنمية.
يشار إلى أن مدينة سوسة الليبية تقع على ساحل البحر المتوسط في الجبل الأخضر وشرق مدينة البيضاء بمسافة ثلاثين كم. وقد أقيمت المدينة على أنقاض لمدينة أبولونيا القديمة التي تعتبر متحف آثار مفتوحا.
تعليق واحد
عرض لطيفة، شكرا لك …. ^ _ ^ …