

كان يبحث في كل مكان ، كل الزوايا ، وحتى بين العربات المحترقة والجدران التي تهاوت ووراء أكوام القمامة .
انظمَّ إليه ظله كرجل آخر غادر مهنته الأزلية مرتدياً ما ترتديه الفجيعة وشرع يبحث معه وأحياناً يبادله عبارات الهزيمة والخذلان .
سأله عابرٌ : ما الذي تبحث عنه ؟
قال : أبحث عن ممرٍّ آمن
ضحكَ الظلُّ وهو يجد مذياعاً محطَّماً وتمثالاً على هيئة فيلٍ صغير يرفع رأسه عالياً .
سرعان ما تزايدت أعداد الأشخاص يجوبون الشوارع ويبحثون أيضاً عن ممرٍّ آمن لكنهم لا يعرفون ملامحه .
سألوا الرجلَ : كيف يبدو هذا الممر الآمن ، ربما وجدناه ونحن لا نعرف منظره أو عمره أو شكلَ قوامه ؟!
الرجلُ كذلك لا يعرف شيئاً لكنه سمعَ المذيع يقول بأنه يجب توفير ممر آمن للجميع ، لذلك أرادَ المساهمة بالبحث عن هذا الشيء .
امتلأت الشوارع بالباحثين ، ومن لم يخرج كان يكتشف حنجرته النحاسية تطلق نداءات المساندة : لا تعودوا بأيدٍ فارغة ، ربما كان الممر يختفي وراء شكلٍ آخر لا عهد لنا به .
في الصباح لم تتوقّف الحرب ولم يعد الكثير من الباحثين عن الممر الآمن إلى منازلهم .
ستذكر النشرة أعداد القتلى الأبرياء وستستمر طالبةً توفير ممرٍّ آمن يخرج منه وحده لأن الناس لم تعد قادرة على الخروج .
2 تعليقان
تحية للأديب الكيلاني عون المبدع الذي سك تجربته بحرفية ورصانة له مني كل الشكر والتقدير.
نشكر مثابرتك على متابعة الموقع أخي…