تعلن أسرة وهبي البوري عن تآسيس مؤسسة البوري للأداب في مئوية ميلاد الدبلوماسي والكاتب والقاص وهبي البوري، 23-1-2016، كإنطلاقة ومواصلة لمشوار المرحوم وهبي البوري وحصد ثمار ما زرعه على مدار أكثر من نصف قرن من العطاء للوطن.
يُعد وهبي البوري شخصية وطنية معروفة على مستوي ليبيا وعلى الصعيد الدولي، فهو أول من كتب في ليبيا القصة القصيرة، وأول من كتب فيها تحقيقاً صحفياً. وكذلك أول من أدخل الكلمات المتقاطعة إلى ليبيا،و كتب المسرحية. هو من مواليد الإسكندرية عام 1916م، حيث هاجر إليها والدهُ بعد الاحتلال الإيطالي. عاد إلى بنغازي عام 1920م، والتحق بمدرسة الفنون والصنائع إلى أن أتم فيها المرحلة الإعدادية، والتحق بعد ذلك بالمدارس الإيطالية بالإسكندرية حتى عام 1931م، وقد منعتهُ السلطة الحاكمة أثناء زيارته إلى بنغازي من العودة إلى مصر لإتمام دراستهِ. وظل في بنغازي حتى عام 1939م حين عُرض عليهِ العمل بطنجة؛ لتدريس اللغة العربية في المدارس الثانوية الإيطالية. بقي في طنجة قُرابة العام، الى أن دخلت إيطاليا الحرب العالمية الثانية فغادر جميع الرعايا الإيطاليين طنجة وغادر هو أيضا الى إيطاليا. وعند وصوله إلى إيطاليا إلتحق بجامعة نابولي لإتمام دراسته. وخلال تلك الفترة طلبت منه وزارة الخارجية الإيطالية العمل في وزارة الثقافة بالقسم العربي، وقد وجد في هذا القسم إخوة ليبيين، وهم عبد الرحمن بونخيلة، وسليمان الجربي، وشمس الدين عُرابي، وراسم قدري، ومحمود إنديشه، وإبراهيم البكباك. وبعد سقوط موسوليني وهزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية، دعاهُ مفتي فلسطين ورئيس الهيئة العربية لفلسطين للعمل معهم في روما، وبعدها إلتحق بهم في ألمانيا. عاد وهبي البوري إلى روما سنة 1945م، حيث علم أنه مطلوبٌ من المخابرات الإنجليزية، ولم يكن في إمكانه السفر، لأنهُ يحتاج إلى تأشيرة خروج يمنحها الحلفاء. فقرر السفر بصورة غير شرعية على ظهر باخرة إيطالية ذاهبة إلى كينيا، وتتوقف في بور سعيد، وعندما وصلت الباخرة إلى بور سعيد مُنع من النزول إلى مصر. فأرسل برقية إلى عزام باشا، الذي تدخل في الأمر، وسُمح لهُ بدخول مصر.
في القاهرة إتصل بمفتي فلسطين الذي كان في أوج نشاطهِ من أجل القضية الفلسطينية، وطلب منهُ العمل معهم، فأُسند إليه مكتب أنباء فلسطين الذي يُزود الصحف المصرية بالأخبار. ولكن الأمير إدريس السنوسي الذي كان في تلك الفترة موجوداً في مصر، طلب مقابلته وعرض عليه العمل معه والعودة إلى ليبيا ليساهم في بناء الدولة الجديدة وذلك في عام 1947م. وفي عام 1953م عُين مستشاراً بالسفارة الليبية في القاهرة، وفي عام 1956م عُين وكيلاً لوزارة الخارجية، كما عين في عام 1957م وزيراً للخارجية، ثم وزيراً للبترول. وفي عام 1963م عُين مندوباً لليبيا بالأمم المتحدة. في عام 1979م عمل مستشاراً للعلاقات الدولية بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول في الكويت إلى ان تقاعد في عَام 1986، حيث انصرف إلى الكتابة والتأليف.
بدأ وهبي البوري مشواره الأدبي عندما كتب أول قصة قصيرة ليبية متكاملة فنياً، نشرتها مجلة (ليبيا المصورة) في عدد أكتوبر 1936م، وكتب للمجلة السابق ذكرها في الفترة ما بين 1935م و1940م عدداً من القصص والمقالات الأدبية، والموضوعات المختلفة. وبعد عودتهِ إلى بنغازي عام 1947م، كتب لصحف الحقيقة، وبرقة الجديدة، وطرابلس الغرب، والوطن، والجبل الأخضر. وخلال إقامتهِ في الكويت كتب لمجلة العربي الصادرة بالكويت، ومجلة الإداري اللبنانية، وصحيفة الأنباء الكويتية، وصحيفة الرأي الأردنية، ومجلة البترول والتعاون العربي، ونشرة منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول الشهرية، بالاضافة إلى مجلة العالم الثالث الفرنسية، التي تصدر بباريس، وصحيفة العرب اللندنية. كما قام في تلك الفترة بتأليف كل من كتاب البترول والعلاقات العربية الإفريقية الذي تُرجم إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وكتاب البترول والعلاقات الأوروبية، وكذلك كتاب حظر البترول على جنوب أفريقيا. كما ترجم كتاب (ماتّي) رائد البترول الإيطالي إلى اللغة العربية.
وبعد عودتهِ إلى ليبيا في 1986م كتب لمجلة الثقافة العربية، ومجلة (لا)، ومجلة الفصول الأربعة، ومجلة تراث الشعب، ومجلة المؤتمر، وصحيفة اخبار بنغازي. كما أصدر في هذه الفترة عدة مؤلفات، وهي كتاب بنغازي في فترة الاستعمار الإيطالي، وكتاب مجتمع بنغازي في النصف الأول من القرن العشرين، وكتاب بنك روما والتمهيد للغزو، وكتاب بواكير القصة الليبية، وكتاب عمر المختار وغرازياني. وكذلك له عدة تراجم وهي الحرب الإيطالية، الكفرة الغامضة، وكتاب بيبليوغرافية ليبيا. وكان اخر كتبه هو ذكريات حياتي الذي تناول فيه قصة حياته وفترة عمله السياسي قبل الاستقلال حتي ما بعد انقلاب القذافي. تحصّل وهبي البوري علي باكالوريوس في الاداب من جامعة نابولي وعلى ماجستير في الدراسات الأفريقية من جامعة سينت جونز الامريكية بمدينة نيويورك.
تهدف المؤسسة إلى المساهمة وبشكل فعلي في تنميه الاجيال الناشئة وتربيتها على أهمية الانتماء وحب الوطن، وغرس الروح الوطنية من خلال الثقافة والأدب والفكر الذي تزخر به مدينة بنغازي. وعليه تسعى مؤسسة البوري لتكوين جيل مثقف واعي مُحب للقراءة والكتابة. وستكون أبرز نشاطات المؤسسة تشجيع الجيل الصاعد على كتابة القصة القصيرة وتوثيق التاريخ والتعرف على رجال و نساء وأبناء ليبيا الذين كان لهم دور في بناء دولة ليبيا وصناعة استقلالها. كما أنه ستقام ندوات ومحاضرات دورية، وتًًُجرى المسابقات لتحقيق ما تسعى إليه المؤسسة. كذلك ستقوم المؤسسة بمنح منحة دراسية رمزية كجائزة لأي متفوق يخطو خطى وهبي البوري سواء في دراسة الدبلوماسية او دراسة الأداب.
وستسعى المؤسسة إلى انشاء مكتبة عامة لمحبي القراءة كآولى من نوعها في مدينة بنغازي، مركز يحتشد فيه الگتاب ومُحبي الكتاب للمطالعة والقراءة والكتابة. ولهذا ومن منطلق مبدأ المرحوم وهبي البوري أن كل مواطن مسؤول مسؤولية تامة عن بناء وطنه، ستنطلق مؤسسة البوري من مدينة بنغازي لمواصلة مرحلة البناء وترميم ركام الحرب. مؤسسة مستقلة بعيدة عن أي تجاذبات سياسية تطمح إلى بناء جيل يعمل من أجل بناء ليبيا المستقبل.
وكان الله في عون الجميع