صاخب أنت بماذا أيها المقهى الكبير ؟
أيها الشيخ الكبير
آه من أرضك لم يخصب بها أي شعور
سرقت شمس النهار
وتلاشى الضوء من كل الديار
وإذا الليل جراحات وحزن وانتظار
قالت الكأس وداعاً للأماني
بعدما فات القطار
فيك ضاعت أيها المقهى أماني الصغار
صاخب أنت ، وإني صاخب
لكنني طفل حزين
جئت كي ألقي عليك
على دنى عينيك بعض الحائرين
أتعزي وأعزي يصنع الكأس مصيري
وبقايا من ضميري
وأودع كل مجد حالم غض صغير
فأنا يا أيها المقهى الكبير
من طريق الله آت قد أعود
ضائع مستسلم الخطو شريد
وأنا يا أيها المقهى معيد
باحث في أعين السمار عن رب وعيد
باحث والعمر بحث وأمان وضياع
ولقاء و وداع
وحبيب حالم العينين شوقاً والتياع
وحنان لست أدري أين أخفته الليالي
أين خباه الرعاع
لم أزل أبحث ما أوصدت صدري
أيها المقهى الذي يقتل عمري
أيها المقهى الذي يصنع شعري
لست أدري ، أو تدري ؟
ان ساعتك التي تنبض في الحائط تجري
لمصيري
للنهاية …
وأنا أكره في كل حكاية
صانعاً فيها النهاية
علمتني رحلتي الصبر إذا انفض الرفاق
” إذا مضى كل إلى غايته ” والليل باق
إذ مضى كل ومزق كل حب وعناق
وتلاشت كل أنفاس الحيارى منك
أنفاس التلاق .
*
قال كالبحار يحضن كل تجربة عقيم
بعد أن عادت به الأيام من بحر الجحيم
مزق الريح الشراع ، مزق الموج الشباك
وتلاشى المرفأ المقصود واراه السديم :
أيها الطفل الذي يقتل في الكأس مصيره
ويحب المجد للأكواخ للدور الفقيره
ويعانق كأسه في رحلة الليل القصيره
ما الذي في عالمي المكدود يغري حيرة أن تستشيره ؟
من هنا مرت حكايات الحيارى والأماني الصغيرة
وبقت في آخر الأكؤس راسبة لتغسل
جاء بعد الليل صبح في ضياء الله مرسل
وهنا أوقف ركب الله يسأل
لم يجد في الأكؤس البيضاء غير الصمت مهمل
ومضى ، يا أيها الطفل وذي هي النهايه
وأنا أكره في كل حكايه
أيها الطفل النهايه”.
___________________
من ديوان/الخريف لم يزل ،21فبراير1967م