قراءات

ولد بلاد…الرواية كوسيلة احتجاج ومطالبة بالحقوق

غلاف رواية (ولدبلاد) للروائية “كوثر الجهمي”

تواصل الكاتبة الروائية الليبية كوثر الجهمي، السّير بخطوات واثقة في بناء مشروعها الأدبي، من خلال روايتها الجديدة ولد بلاد، الصادرة عن دار الفرجاني الليبية. الجهمي في روايتها الجديدة، تبرهن أنها استطاعت أن تطور أسلوبها السّردي، بالإضافة إلى وجود مجهود مبذول في سبيل تقديم رواية غَنيّة بالتفاصيل والمعلومات، الأمر الذي يؤكد أننا أمام كاتبة تراكم خبرات أدبية، وتركز على موضوعات تكاد تكون مهملة في الأدب الليبي، حيث قامت بتسليط الضّوء على قضية تهم الكثير من أبناء الليبيات من أباء غير ليبيين، وهو حقهم في الحصول على جنسية والداتهم.

يقول الروائي التونسي كمال الرياحي في كتابه “فن الرواية” عن أهمية الرواية في المجتمعات العربية “إن الرواية تبدو الوسيلة الأخيرة التي في يد الشعوب الفقيرة اليوم لتعبر عن نفسها وترتقي بها في مسيرة توقها نحو التطور الاجتماعي وتحسين وضعها الاقتصادي وكسب استحقاقاتها من قيم الحرية والعدالة والمساواة وغيرها من القيم الانسانية التي تأتي الرواية لتدافع عنها وتطالب بها بشتى الأساليب السردية.”، وهذا ما قامت به الجهمي في روايتها ولد بلاد، حيث انتصرت لحق أصيل من حقوق الإنسان، حق لأبناء بنات ليبيا، اللواتي ارتبطن بشكل قانوني، وبعد أخذ الموافقات القانونية من السلطات المختصة، ارتبطن بعقد الزواج من رجال غير ليبيين.

الجهمي، تمكنت أدبيا من السيطرة على النّص، واستطاعت من خلال الحبكة أن تدخلنا عوالم تغيب عن كثير منّا، وبناء شخصيات طورت لكل منها تاريخ وأسلوب حياة وأهداف مستقلة، تتعارض مع أهداف شخصيات أخرى.الشخصيات في هذه الرواية، تعبر بوضوح عن جهد رصين ومهم في بنائها، ما جعل النّص ينساب بتلقائية مخطط لها، ولا تُخل بالمتعة المنتظرة، علاوة عن التعاطف مع القضية الأساسية لبطل الرواية، الذي يبحث عن كيانه في بلد أحبه ولكنّه إزدراه، كما قال الشاعر الليبي عُمر الكدي في عنوان مجموعة شعرية له” بلاد تحبها وتزدريك”،وتحاول الرواية أن تُنبه، إلى أخطار إهمال هذه القضية، التي تُمثل تحديا لأصحابها، وتأتي في المقام الأول من تفكيرهم، وقد تدفعهم إلى سلوك مسالك تكون نهايتها مأساوية.

هذه الرواية هي تواصل لمشروع سردي أصيل ومستقل لكوثر الجهمي، بدأته بروايتها الأولى “عايدون” وواصلته في روايتها الثانية “العقيد”، لتكون رواية “ولد بلاد” امتدادًا متطورا لهذا المشروع.

مقالات ذات علاقة

أرسان الروح: مواجهة الحصادي لمرآة ذاته

مهنّد سليمان

رواية العقيد.. جدلية الثوريين والثوار

رأفت بالخير

“طرابلس أم المدائن”… قراءة في قصيدة الشاعر الراحل محمد الفقيه صالح

ناصر سالم المقرحي

اترك تعليق