الطيوب | متابعة وتصوير : مهنَّد سليمان
شهد رواق مكتبة الفرجاني فرع شارع ميزران بمركز العاصمة طرابلس مساء يوم الخميس 22 من شهر فبراير الجاري احتفالية ومناقشة توقيع المجموعة القصصية الأحدث للأديب الليبي “جمعة بوكليب” المعنونة(مناكفات الربع الأخير) الصادرة حديثا عن منشورات دار الفرجاني للنشر والتوزيع بالإضافة لتوقيع مجموعة أخرى من الكتب الصادرة للأديب بوكليب، وسط حضور كوكبة من الكتّاب والأدباء والمثقفين والفنانين وعموم المهتمين .
تجربة بوكليب الروحية الناجزة
حيث افتتح الناشر “غسان الفرجاني” الاحتفالية بكلمة ترحيبية قدم من خلالها الكاتبان “منصور أبو شناف” ، و”يونس الفنادي” اللذان شاركا بورقتين تناولا فيها جوانب مضيئة جاءت في مضامين المجموعة المذكورة، فيما أشار الكاتب “ منصور أبوشناف” إلى أن طرابلس كمدينة لا تبدو في مجموعة (مناكفات الربع الأخير) إلا مرآة للذات يقف أمامها الكاتب مواجها لتجربته في الحياة ليس في طرابلس فقط بل في جميع الأمكنة فبرغم كل ما يظهره من تبرّم وضيق ورغبة في المغادرة لطرابلس بيد أنه لا يغادرها ولا يرى المدن الأخرى إلا صورة أخرى قد تكون نقيضا لها، ولكنها ليست سوى حالة من الحالات الطرابلسية، وتابع أبوشناف بالقول : إن طرابلس في مجموعة بوكليب ليست مدينة خفية كمدن إيتالو كلبينو بقدر ما هي الظاهرة المرئية الشديدة الحضور بنسيمها البحري، وغبار صحرائها ورطوبتها المزعجة بانكفائها على ذاتها وخصوصياتها كأضمومة ياسمين وبسرحانها الحضاري وترهلها كصحراء تمتد وتمتد إلى ما شاء الله، كما أضاف أبوشناف أيضا أن طرابلس في مناكفات الربع الأخير تظهر طرابلس متربعة في الزمان جاثمة في الروح منتشرة عبر الروح والمدن الأخرى فطرابلس هي ذات الكاتب ووجدانه وتجربته الروحية الناجزة، وأشار أبوشناف أيضا إلى أنه عبر ضمير السارد يتوحّد السارد مع طرابلس فهو يستخدم ضمير (الأنا) وبعضها ضمير المخاطب (أنت) وبعضها ضمير الغائب (هو) فلحظات الاقتراب (أنت) ولحظات الهروب (أنا)، ولحظات اليأس (هو) فالكاتب بوكليب ككونشيرتو كتب لآلة تشيلو يتدفق نثره عميقا وسلسا وحزينا يفيض نثره على حقول الشعر فيغمرها بشعرية أخرى طازجة وأصيلة.
لغة سردية زاخرة
بينما أوضح بدوره الكاتب “يونس الفنادي” أن قصص جمعة بوكليب امتازت برشاقة الأسلوب وطلاوة المفردة لاسيما عند بعض قصص المجموعة التي تنتمي لأدب السيرة الذاتية تجعل الكاتب غالبا يتقمص دور البطل متخفيا أحيانا وراء شخصية السارد لمصاحبة القارئ في جولات يعانق فيها رحلات متعددة عبر أزمنة مختلفة لاستعراض بعض جوانبه الحياتية الخاصة، وكتابات أخرى تندرج نصوصها تحت منهج القص الوصفي النثري، وأردف الفنادي بالقول : إننا في جميع الأحوال نتفق على أن هذه المناكفات نُسجت بلغة سردية رقيقة زاخرة وثرية بالكثير من العذوبة والأساليب الفنية والتعبيرية الايحائية المرهفة وإيقاع يُمكّنها من اختراق وجدان القارئ بأريحية والتحليق في فضاءات روحه بكل بهجة وإمتاع، وأضاف الفنادي قائلا : لعل أول ما تؤكده هذه الكتابات وترسخه فينا هو تأصل وتجذر حالة الحب والعشق للحياة والنهل من فيوض جمالياتها التي تُطوِّق، وتغمر الكيان الإنساني لدى الكاتب “جمعة بوكليب” عقليا وعاطفيا وإيمانه الموضوعي بالواقع الراهن وحرصه على أهمية تسجيله، وأوضح الفنادي قائلا : إننا من خلال ذلك نجده قد تمكن نسبيا من تجاوز الماضي التعيس الذي سرق منه بهجة عمره وريعان شبابه حين قذف به وراء القضبان سنوات طويلة ورماه لسجّان جاهل حقود لا يُفرِّق بين تغريد العصافير الوادعة ونعيق غربان السوء، واستطرد الفنادي مضيفا : إن هذه المعادلة تتجسّد بوضوح في علاقة الكاتب بوكليب بربوع الوطن كافة المتأسسة على الانتماء للهوية الليبية، وخصوصية الارتباط الوجداني بمدينة طرابلس المستوطنة وجدانه الحسي، وتابع الفنادي : إن هذه المناكفات تكشف للقارئ أن بداية العلاقة الحبيِّة التأملية للأديب جمعة بوكليب بتاريخ وجمال ومكانة معشوقته طرابلس قد نُسجت وراء القضبان إبّان فترة سجنه.
تعليق واحد
[…] مكتبة الفرجاني تحتضن توقيع مناكفات بوكليب الأخيرة […]