في تجريبيته التي ينفتح فيها للأديم أشرعة بزرقة السماء بمعرضه الذي افتتح مساء الثلاثاء في السابع من شهر نوفمبر2020 بمنظمة اركنو للفنون ببنغازي ليتلاشى ما يعيق انفساح النظر، تكون المدينة ومبانيها في لوحات التشكيلي “إيهاب الفارسي” حز في أفق المكان أو تكون بقع من منظور علوي أو أفقي مائل.
الحقول براح أصفر والفكرة دوائر معدنية منمنمة غائبة في سديم تلونت به. ربما سور أو جدار منسي في كثيب من رمل متكون على سطح اللوحة ملموس. حتى وإن تجردت الأشياء من وسومها فلا زالت روحها هناك تهمس بها بين لمسة فرشاة أو جرة (بإليتا) أو ذرور رمل على لون أو لطخة هي في أعمق معناها جسر أم لعلها أعمدة إنارة ترتفع مع الجسر لتهبط معه فهل رأيت نوارس تصطف على حوافه!
ستقول وأنت تتجول بين لوحات المعرض ثمة تفنن في الميكسد ميديا أو ربما تراه كولاج به حذر كي لا يضيع الشكل المجرد في عاديته السابقة وحدوده المتعارف عليها. يقترب منها ولا يلامسها. سترى أو لعلك ستظن في اللوحات سماء وبحر تنعكس الفكرة أو الرؤية بينهما. ستلمح أناس وتلمح نوافذ وستتخيل سفن وعربات وسترى فكرة خاطفة لجسر يعبر بين ضفتين ربما رمقتهما من عَلٍ عين صقر أو كاميرا محمولة على طائرة.
ستقول لنفسك أرى بيتي أو مدينتي من أعلى والمح كل جميل فيهما مندس في الزرقة الجميلة أو في الأخضر الذي به همس بياض أو رذاذ أصفر. لِعينِ الفنان منظورها الخاص وزواياها. سيكون البروسبيكتيڤ عبرها ينفسح على ماء الرؤيا وتتسع توازياته والتقاءاته في خط الأفق.
هي اذاً خصوصية الفنان حين يرتكز أسلوبه على مرساة ويتوسع في رؤاه التي مزيج من هدوء ومن تأمل . بها عذوبة ما وبها رضا حميمي مثل حضن أم أو غمرة أبٍ. ذاك الهدوء الذي ينبعث من اللون السماوي إلى حدود الزرقة حين يتجاور مع الأصفر لحتى تُضاء اللوحة كمن أشرقت فيها شمس وطاب صباحٌ.