الأول …
المفترض كان الأخير في صف ماكينة ( البريسو )… لكنه اجتاز المشهد كله ووقف في المقدمة قبل أن يتكلم أو يتكلم احد ممن داس دورهم مد يده ناحية جيبه (ظنه الكاظمين الغيظ ) إنه سيسحب مالا من جيبه لكنه وبأصابع يد متصلبة وعنيفة وخشنة (يد لم تربت حتى على ظهر قط في حياتها ) ابعد بقوة حاشية القميص المفتوح من مقدمة البنطال فرفرفت كجناح شيطان خلف ظهره لتعود لكن هذه المرة لتستقر على مستطيل بلاستيكي اسود…………………….نعم مقبض مسدس ….
ـ واحدة دبل كريمة ………………..وكانت الكلمة الوحيدة التي قالها
صاحب المحل ( بهدوء )
ـ لو وقفت بدورك ( نخدموك بعيونّا ) .
لم يسعف الوقت أحد لم يسعفه هو بالدرجة الأولى حتى لتناول ملعقة العسل التي حاول عامل المقهى أن ينصف بها الجميع ( نخدموك بعيونّا !!!!) السكون كان قد خيم على المقهى وباحته بالكامل فلم ينتبه احد إلا لصوت الرصاصة الأولى تلى ذلك ما جادت به قريحة المسدس فانهمرت منه عشوائيات من نار لا هدف لها واستمر سعيرها إلى أن غادر و هو يبرطم بما لم يحاول احد فهمه (الفهم لغو مع صوت الرصاص ) استمر الوضع لدقيقة اختباء فيها الجميع في فزعهم رواد المقهى والمارين خارجه ( على أقدامهم أو بالسيارات ) والذين قادتهم الصدفة ( لقلب المعمعة ) من احتمى بسيارته ومن من تجسد كقوقعة وارتمى الباقي على الأرض في وضع شبيه بوضع الأجنة بأرحامها بل أن احدهم بالركن قد اخذ في مص أصبعه (أو كرضه )..استمر صوت الطلقات حتى اشتم الجميع رائحة شرار لعجلات تقدح الأرض نارا قبل أن تختفي من المشهد فقط من تغلب على بعضا من خوفه رفع عنقه عن الارض وشاهد مؤخرة (bmw) ) سوداء و بشبابيك معتمة وهي تغادر مسرعة أما أخر صوت فقد سمعه الجميع (حتى صاحب الأصبع ) فقد كان صفير للطلقة الأخيرة وهي تغادر نافدة الراكب
……………
الثاني ..
لم يتجاوز السادسة عشرة على غير العادة لم يكن يومها بالثانوية.. كان عائداً من ( الكوشة بعشر فردات خبزة ) عدّها الجميع حين جمعوها بعد ذلك .. اجتاز الطريق الرئيسي .. المقهى عن يمينه زبائنه على كراسيهم ككل صباح .. السيارات كانوا جلّ همه فتجاوزهم بنجاح .. رأس الشارع كالعادة لا يخلو من أبناء جيله ( قهوة وسبسي ورأس الزنقة ) هو أفضل حالا منهم على الاقل يكاد يصل لأعتاب الجامعة لو اجتاز شهادة هذا العام بنجاح .. حياهم جميعا ودخل الزقاق ، بطريقه اجتاز باب الجامع المغلق لكن ورقة معلقة جعلته يعود أدراجه فباب الجامع لوحة إعلانات الشارع ، كانت الورقة المعلقة حينها إعلان لوفاة عجوز من الحي مع موعد و(خارطة طريق ) للجنازة
ـ ان لله وإن إليه لراجعون
عاد لمسيره للبيت وهو يهمهم ( ان لله وأن اليه لراجعون ) حين وصله صوت الرصاصات على الطريق الرئيسي التفت ناحيته كان أخر ماشهده هو الآخر (bmw) سوداء..نارا عجلاتها تقدح الأرض .. وآخر ما سمعه طلقة يبدو أنها آخر ما سمع فهو لم يسمع أي صوت بعدها . .
الثالث والرابع ..
قريب للفقيد ينزع الإعلان القديم فقط ابقى على خارطة الطريق المقبرة ويعلق بلاغ عن جنازة (الراحل الآخير ) و على نفس المسافة والمكان والحيز من باب الجامع.. حين اوقف احدهم عربته وسأله ( بقسوة التعود ) وجمود.. (الفريز )..
ـ شكون اليوم ؟؟؟؟؟؟
التفت اليه قريب الفقيد حين عرفه آجابه بمضض ،
ــ طارق ولد الحاج رمضان عطاك عمره .
ـ يا ألله لا باس خيره في عز شبابه مايستاهلش لكن قولي طلقة ولا سلاح كبير ؟؟؟
ـ طايشة … وين ما انا واقف توا
ـ فصدك طلقة ؟!!! علاش الولد مش متع مشاكل ؟
ـ كان للراحل مكانة بقلبه فلم يحتمل برود ( غراب البين ) وهو يقف بسيارته على بقايا دم الفقيد ويسأل بعبط لا حدود له فأجابه بغصة فاقد حبيب .
.تبي تعرف علاش ؟؟؟؟ قضاء وقدر .. ولا نقولك على خاطر ما مشاش للمدرسة ولا تعرف على خاطر مشى للكوشة ..ولا ( خوذ هذه ) على خاطر ما كملش طريقه وولى يقرءا في التعزية متع العجوز ..ولا نقولك ( صمت قليلا ) …………… فوصله صوت نواح أخوات الفقيد من خيمة العزاء ( القريبة من المكان ) فاحني رأسه فثمة ألف سبب يعطيها لهذا البليد ليخرسه حين فكر ( أن الأمر أكبر من خسارة المرحوم بطلقة طائشة ) استغفر الله وتعوذ من شياطينه وانطلق عائدا صوب المأتم وبعيدا عن حنقه التفت للسائل الذي تركه خلفه وأجابه .
ـ تبي تعرف علاش ؟… على خاطر (قهوة كريمة زيادة ) .