السعيد عبد العاطي مبارك الفايد | مصر
إعراب و معنى آية
قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة الحشر : الآية 19.
عزيزي القاريء..
مازال حديثنا موصولا مع حلقة جديدة من شذرات لغوية حيث نتأمل فيه إعراب و معنى آية لنقف على الفائدة من وراء هذا القصد لفهم و إدراك كتاب الله العزيز هكذا..
فعلينا أن نرطب لساننا بذكر الله تعالى في كل حال و مجلس و نصلي على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم. فالذكر و التسبيح و التحميد و التهليل عبادة ليس لها وقت أو مكان. كما يستحب لنا الاستغفار و التوبة بعد كل عمل و مجلس يحدث تجديد الإيمان..
فالخسارة أن نجلس مجلسًا لم يذكر الله فيه، ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم كان ترة على صاحبه يعني حسرة يوم القيامة وندامة ونقصًا عليه فبالذكر و الصلاة نصل إلى الدرجات العُلا.. أما الفاسقون العاصون الكاذبون قد نسوا الله فى الرخاء و من ثم فأنساهم أنفسهم فى الشدائد لأنهم خرجوا عن طاعته عز وجل.
* أولاً الإعراب:
وَلا: الواو حرف عطف.
تَكُونُوا: ومضارع ناقص مجزوم بلا الناهية والواو اسمه.
كَالَّذِينَ:خبره.
نَسُوا: فعل ماض و الواو فاعله.
الله:ولفظ الجلالة مفعوله.
والجملة صلة. فَأَنْساهُمْ: ماض ومفعوله الأول والفاعل مستتر.
أَنْفُسَهُمْ: مفعول به ثان. والجملة معطوفة على ما قبلها.
أُولئِكَ:مبتدأ.
هُمُ: ضمير فصل. الْفاسِقُونَ: خبر مرفوع بالواو جمع مذكر سالم. والجملة الأسمية استئنافية لا محل لها.
* ثانياً المعنى العام:
قال القرطبي في تفسيره:
قال تعالى: ولا تكونوا كالذين نسوا الله أى تركوا أمره.
يكون نسي بمعنى ترك أي تركوا طاعة الله جل وعز ( فأنساهم أنفسهم ) قال سفيان: أي فأنساهم حظ أنفسهم. ومن حسن ما قيل فيه أن المعنى أن الله لما عذبهم شغلهم عن الفكرة في أهل دينهم أو في خواصهم.
و لذا عاقبهم على نسيانهم له بأن أنساهم أنفسهم فنسوا مصالحها أن يفعلوها وعيوبها أن يصلحوها وحظوظها أن يتناولوها ومن أعظم مصالحها وأنفع حظوظها ذكرها لربها وفاطرها وهي لا نعيم لها ولا سرور ولا فلاح ولا صلاح إلا بذكره وحبه وطاعته والإقبال عليه والإعراض عما سواه فأنساهم ذلك لما نسوه وأحدث لهم هذا النسيان نسيانا آخر وهذا ضد حال الذين ذكروه ولم ينسوه فذكرهم مصالح نفوسهم ففعلوها وأوقفهم على عيوبها فأصلحوها وعرفهم حظوظها العالية فبادروا إليها فجازى أولئك على نسيانهم بأن أنساهم الإيمان ومحبته وذكره وشكره، فلما خلت قلوبهم من ذلك لم يجدوا عن ضده محيصا.
وهذا يبين لك كمال عدله سبحانه في تقدير الكفر والذنوب عليها، وإذا كان قضاؤه عليها بالكفر والذنوب عدلا منه عليها فقضاؤه عليها بالعقوبة أعدل وأعدل، فهو سبحانه ماض في عبده حكمه عدل فيه قضاؤه.
وله فيها قضاآن قضاء السبب وقضاء المسبب، وكلاهما عدل فيه، فإنه لما ترك ذكره وترك فعل ما يحبه عاقبه بنسيان نفسه فأحدث له هذا النسيان ارتكاب ما يبغضه ويسخطه بقضائه الذي هو عدل فترتب له على هذا الفعل والترك عقوبات وآلام لم يكن له منها بد.
فأنساهم أنفسهم أن يعملوا لها خيرا، قاله ابن حبان.
وقيل: نسوا حق الله فأنساهم حق أنفسهم،
وقيل: نسوا الله بترك شكره وتعظيمه. فأنساهم أنفسهم بالعذاب أن يذكر بعضهم بعضا.
وقال سهل بن عبد الله: نسوا الله عند الذنوب فأنساهم أنفسهم عند التوبة.
ونسب تعالى الفعل إلى نفسه فى أنساهم إذ كان ذلك بسبب أمره ونهيه الذى تركوه.
فبترك أمر الله عز وجل استحقوا النسيان و الخذلان في الدنيا و الآخرة جزاء هذا فبالطاعة و الشكر ينال العبد منزلة كبيرة عند المنعم الخالق دائما.
فيا رب اجعلنا من الذاكرين الحامدين الشاكرين الطائعين لقول الله عز وجل و لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
آمين.
مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله.