طيوب النص

قُبْلَةٌ أُولَى

من أعمال التشكيلية الليبية مروة التومي
من أعمال التشكيلية الليبية مروة التومي

أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَ عَنْكَ .. لَكَ .. أَنْ أَعْصُرَ قَلْبِي وَأَكْتُبَ .. لِأَرَاكَ..  لِأُعَانِقَكَ.. هَا أَنْتَ تُمْطِرُ فِي القَلْبِ غَيْمَةَ عِطْرٍ .. تُزَقْزِقُ بَيْنَ الجَوَانِحِ أَطْيَارَ أَمَلٍ، وَتَبْسُمُ فِي الرُّوحِ حَدَائِقَ شَذًا.. وَحُقُولَ ابْتِسَامٍ .. وَمَوَاسِمَ  فَرَحٍ وِهَنَاءٍ وَبَهَاءٍ..

يُوقِظُنِي الصَّبَاحُ بِكَ .. لَكَ .. تُوقِظُنِي أَنْتَ فِيَّ .. بِي .. أَتَحَسَّسُكَ وَأَتَنَفَّسُكَ .. أَطْمَئِنُّ عَلَى سَلَامَتِكَ .. عَلَى سَلَامَةِ وُجُودِي بِكَ .. فِيكَ .. أُعَانِقُكَ .. أَدْلُقُ عَلَى صَبَاحِكَ المَاسِيِّ مَطَرَ مَحَبَّتِي .. أَرُشُّ عَلَى وَجْهِكَ الصَّبَاحِ رِذَاذَ إِجْلَالِي .. أُهَادِيكَ مُهَجَ قَصَائِدِي الصِّبَاحِ ..

أُقَبِّلُكَ .. أُقَبِّلُ فِيكَ الأَفْجُرَ المَغْمُوسَةَ فِي النَّدَى وَالعَبَقِ وَالْأَلقِ، أُقَبِّلُ فِيكَ الصَّبَاحَ وَالنُّورَ وَالنَّهَارَ.. أُقَبِّلُ فِيكَ الأَحْلَامَ والآمَالَ والطُّمُوحَاتِ.. أُقَبِّلُ الأُمْنِيَاتِ وَالأُغْنِيَاتِ وَالقَصَائِدَ .. أُقَبِّلُ الأَطْفَالَ وَالعَصَافِيرَ وَالحَمَائِمَ وَالنَّحْلَ وَالفَرَاشَاتِ .. أُقَبِّلُ كُلَّ مَنْ وَمَا يَأْتِينِي مِنْكَ .. كُلَّ مَنْ وَمَا يَأْتِي بِكَ إِلَيَّ.. أُقَبِّلُ فِيكَ الحَيَاةَ.. وَأَصْفَعُ خَدَّ المَوْتِ الكَئِيبِ مُصَعَّرًا لِتَشَبُّثِي اليَقِينِ بِكَ .. بِالْحَيَاةِ الَّتِي هِيَ أَنْتَ .. وَأَسْفَعُ نَاصِيَةَ الرَّدَى بِإيمَانِي بِالبَقَاءِ فِيكَ.. بِالْيَقِينِ الْمُبِينِ بِكَ ..

أَدْلُفُ إِلَى صَبَاحِكَ النَّدِيِّ الطَّهُورِ عُصْفُورًا يُبَلِّلُهُ الْاِشْتِيَاقُ إِلَى عُشِّهِ .. إِلَى سِرْبِهِ، وأَحْلَامِهِ وَفَضَائِهِ..

صَبِيًّا يَتَخَطَّفُهُ الشَّوْقُ إِلَى مَدْرَسَتِهِ .. عَاشِقًا يَهُزُّهُ اللَّهَفُ إِلَى مَحْبُوبَتِهِ.. شَاعِرًا يَسْتَدْرِجُهُ التِّحْنَانُ الجَبَّارُ إِلَى مَمْلَكَةِ المَجَازِ العَصِيِّ .. فَنَّانًا يَسْتَفزُّهُ الحُلُمُ فَيَتَأَبَّطُ جُنُونَهُ طَائِرًا إِلَيْهِ .. مُوسِيقَارًا يُغْرِيهِ لَحْنٌ شَرُودٌ فِيَهِبُهُ قَلْبَهُ لِيَنْدَاحَ نَغَمًا طَرُوبًا فِي تَجِلِّيَاتِهِ ..

آهِ .. يَا وَطَنِي الأَعَزَّ، هَأَنْذَا أَرْدُمُ بِكَ هُوَّةَ الآهَاتِ .. أَجْسُرُ بِكَ ضِفَافَ البِعَادِ .. أُرَمِّمُ بِكَ مَا يَنْهَارُ مِنْ فُسَيْفُسَاءِ الرُّوحِ .. وَأُقِيمُ بِكَ مَا يَتَدَاعَى مِنْ جَنَبَاتِ الحَيَاةِ .. مَا يَتَهَافَتُ مِنْ جُدُرِ الوِجْدَانِ .. ما يَتَصَدَّعُ مِنْ تُخُومِ الرَّجَاءِ ..

أُيَمِّمُ قَلْبِي شَطْرَكَ لِأُجَرِّبَ الهُرُوبَ مِنْكَ .. الهُرُوبَ بِكَ .. الهُرُوبَ إلَيْكَ ..

أُرِيدُ أَنْ أَتَأَبَّطَكَ وَأَمْضِي.. أَنْ أُقَاوِمَ إِعْصَارَ اشْتِيَاقٍ يَجْرِفُنِي إِلَيْكَ .. أَنْ أُعَانِدَ عَنْقَاوَاتِ الْحَنِينِ تَتَخَطَّفُنِي إِلَى حَيْثُ قَلْبِكَ..

أُرِيدُ أَنْ أَفْتَحَ لَكَ فِي أَعْمَاقِي بَيْتًا فَسِيحًا كَأَنْتَ .. أَنْ أُهَيِّئَ لَكَ قَلْبًا أَنِيقًا يَلِيقُ بِوَطَنٍ أَنِيقٍ .. عَرِيقٍ .. شَفِيقٍ .. عَبِيقٍ كَأنْتَ..  أَنْ أُبِيحَ لَكَ قَلْبًا وَسِيعًا فَسِيحًا تَسْكُنُهُ ..

أَنْ أَتْرُكَ لَكَ بَيْنَ الضُّلُوعِ بَابًا مُوَارَبًا أَبَدًا عَلَى حُضُورِكَ .. مُشْرَعًا دَوْمًا لَكَ .. مَفْتُوحًا عَلَى الدَّوَامَ لَكَ..


من كتابي: وَطَنٌ فِي القلبِ ” أَغَارِيدُ فِي عِشْقِ الوَطَنِ – الصادر عن دار البيان للنشر والتوزيع بنغازي.

مقالات ذات علاقة

حنيــــــن

المشرف العام

وجهي أيضاً لا يخلو

أمل بنود

سرت يا ريحانة القلب

المشرف العام

اترك تعليق