الشعر الشعبي يمثل صوتاً إبداعياً يبرز الكثير من الجماليات الفنية بالإضافة إلى اعتباره عنصراً من عناصر الهوية الثقافية لا يمكن استبعاده عند رصد مكوناتها المتنوعة.
وإن كانت الكتابة بالعامية يعارضها الكثيرون فإنه لا يمكن تجاهل دور قصائد الشعر الشعبي والأمثال والحكم والموروثات الشعبية في توثيق الكثير من الأحداث والبطولات والشخصيات، وتحمل عبء المحافظة على القيم والسلوكيات النبيلة وصور التراث التي يزخر بها أي وطن.
حضرت أصبوحة شعرية (الأربعاء 7 أكتوبر 2020) للشاعر الشعبي حسين الرياني نظمها منتدى عروس البحر بالقبة الفلكية بمدينة طرابلس التابع للهيئة العامة للثقافة بحضور جماهيري لافت، وقد أبهرتني العديد من قصائده الجميلة، وطريقة تفاعله في أداءها بصورة لا يمكنك مقاومة إغراءها وجاذبيتها. وتظل من أبرز قصائده المفعمة بروح الشعر ونبضات الكلمات الرقيقة التي صدح بها رغم حالته الصحية الصعبة، قصيدته المعنونة (حواء) التي نسجها بمفردات توغلت في التاريخ الإنساني فاستنطقت أحداثه، وسجلت وضمنت الكثير من أسماء النساء الفضليات عبر حقب وأزمنة متعاقبة بداية من حواء ومريم إلى بلقيس وشجرة الدر والأميرة ديانا ومبروكة العلاقية وسناء محيدلي وغيرهن كثيرات.
وتجلت الصورة الشعرية العامة لهذه القصيدة في معانيها البعيدة القريبة ودلالاتها الإنسانية الشاملة المعبرة عن المرأة ومشوارها الإنساني الطويل المكلل بالعطاء والتضحيات وتأصيل القيم كافة، ابتعد الشاعر فيها عن إغراقها بمفردات الابتذال والتسويق الجنسي والنظر للمرأة كجسد أنثوي فحسب كما تصورها الكثير من الأجناس الابداعية الأخرى عادةً.
قصيدة (حواء) للشاعر حسين الرياني تقترب من وصفها بالملحمة الشعرية ليس بطول أبياتها فقط، ولكن لأنها ظلت منذ استهلالها وحتى نهايتها تمجد الذات والروح الإنسانية في المرأة، وتشيد بكل ما يمت لها من جمال وبهاء وسمو ونضال وكفاح وإسهام في المجتمعات كافة دون انحياز لعقيدة دينية معينة أو بلاد بعينها.
شكراً للشاعر على الأصبوحة الممتعة التي أعادنا بها إلى أجواء الشعر الرحبة الفسيحة، ولكل المداخلات التي تناولت بعض الجوانب من إسهاماته الإبداعية، والتصدي بشيء من النقود الموضوعية لقصائده وخاصة قصيدة (حواء) التي لا يمل الإنسان من الاستماع إليها والاستمتاع بصورها الفنية المكتظة بالإيقاع ورقة المفردة والجماليات كافة، وهي تحتاج إلى المزيد من التعمق في نصها وهيكلها ودلالاتها بقراءة نقدية وتحليلية عميقة توثق هذا الجهد الإبداعي للشاعر حسين الرياني.
قصيدة حواء
للشاعر الشعبي: حسين الرياني
حوا حنونة ولقبها الودادة وهي سر كل فارس بلغ مـــراده
حوا قديم خبرهــــــــــــــــا من ضلع ادم ربنا صورهـــــــــا
أم الخلايق خالقي سخرهــــا ونيست رفق لرحله وقعـــــــــاده
وكانوا في جنة بخيرها وشجارها وامطارها وانهارها بــــــــــدادة
لكن دخل وسواس في خاطرها وجت لشباك المعصية منقـــــاده
ومنها تغير حال من عاشرها ونزلوا مناول الارض ما هي راده
ومنها بدت الأجناس و مناظرها سبحان ربي في حكمته وعبـــاده
وثاني عل حوا انزيد خبرها كلام ذاكرة القران موش لمــــــادة
مريم العفة وربنا طهــــــــرها ام النبي عيسى مع ميـــــــــــــلاده
هزي بجذع النخل لين ثمرها يعطيك من الطعم اللذيذ زيـــــــادة
فيه منو لحقه الشك واستنكرها الموضوع طبعا مو ش كيف العادة
تكلم اللي في المهد زاد نصرها يالله ما شيا عليك امكــــــــــــــادة
قصة عظيمة وين نذكرها انوحد الواحد في صلاة واعبـــادة
مزال قصة روعـــــــــــــــــة اللي راودة يوسف على موضوعه
قداش كانت بالغرام اولوعه ويوسف استعصم والحرام اتتفادي
وصدفه وصل الملك وقت طلوعه وشاف العيون الخاينات اقصــــادة
تغير وحس النار بين اضلوعه ومن اهلها شهدوا معاه اشهـــاده
وقداش نسوة اصباعهن مقطوعة كيد النساء يصعب على الــــعدادة
لشرح القضية نكتبوا موسوعة عنوانها النسوان والزهـــــــــــادة
شطر بعدها شطــــــــــــــــــــرة ونا الشعر عندي واخذة بالفطرة
صافي نقي وامقطــــــــــــــــــرة بالقطرة كلام المعاني تفهمه رواده
مزال في الموضوع كيلوبترا وملكت سبا لشمسها عبـــــــــــــادة
وجاب الخبر هدهد على ما يطرى وقدم تقاريره مع الافــــــــــــــــــادة
وضلوا الرعية ايساوموا بالفترة ومنه ايجيب العرش قبل انــــــــداده
المطلوب رمشة عين جا بالسترة وحطوه عند الملك في ميعـــــــــــادة
سلامات يا بلقيس في هالخطرة دين المحبة والسلام اوتـــــــــــــــاده
خوذ من كتاب اللـــــــــــــــــــــه وافهم على حوى خبر واقراه
على اللى اتحارب في رسول الله حرب الجهالة واصلها عربادة
وبو لهب في جهل العرب مبداه وموحال ما عنده عليه احيادة
ومذكور في القران هي واياه طول لجهنم مطرحه ومسقادة
وزوجة ابي سفيان مال وجاه ركبها الغرور وبالغة في عناده
صبر عل المواجع لين سال دماه عم النبي حمزة كلت افــــــاده
حوى في كل ثنيـــــــــــــــة معنى الرفق في امثالنا الشعبية
سموها الولية ومرجع البيتية سموها بهية وفايزة وعيـــــادة
وسما على جد الغزال بنية اسم الغزال واسم ريم وغـــــــادة
سموها كريمة لكرمها وخيرية فال العرب يطرد الليل ســــواده
وهى في التصوف رابعة العدوية كل وقتها التسبيح والسجـــــادة
وهي خديجة الراضية المرضية عظيم فظلها وسر الكلام ابعــــاده
احتضنت رسول الله بالحنية لين انتهت والعمر ليه اعــــــداده
حوى الصدر الدافــــــــــــــــي وحوى المودة والحنان الصـــافي
وحوى المرافي ومركبي ومجدافي وهي الاخت والوالدة والــــــدادة
تزعل وترضى وما نهار اتكافي وما هيش لفعل الخطى نقـــــتادة
رضاك يا وديدة غايتي واهدافي انت الزاد والزواد والـــــــــزوادة
وانت الوفاء يا وافيا بالوافي منهل شرابك نبع في بـــــــــــرادة
مزال نبي انقـــــــــول وما زال في حوى الحديث ايطول
شجرت الدر وحرب على المفعول ضد الصليبيين والجــــــــــــلادة
اللى سيطرت عل الحكم عرض وطول وهنت اللي راقد على الوسادة
وسترة علومة في خانة المجهول وحلت محله في مركزه وجواده
وضلت على ظهر الخيول اتصول اتجول لفلول العدا طرادة
المفعول في درجة اللامعقول بطولات حى خارقـــــــــة للعادة
هي اسباب الراحــــــــــــــــــــة وهي اللي أداوي العليل أجراحه
وهي السبب في منو صار انجاحة وهي اسلاحةو وقوته واعتادة
ومرات تبقي للشقاء مطراحة مرات صوت الوتر لــــــلعوادة
وهي امعيتيقة حذا الملاحة اللي جسمها تحت الحديد رماده
وهي الخنساء وشعرها ونواحه على صخر تبكي دموعها بدادة
وهي الملثم يوم شال سلاحه وحرر ضرار من الضرر و نكاده
والاخية بشعرها لواحـــــــــــــة بحب توبة في الكنين اصهادة
الموضوع في حوى بكل صراحة جاب القوافي والكلام اتقــــــادى
جاب القوافي هيلة فيدي القلم يكتب ونا نحكيلة
عللي سماها بو حريد جميلة بنت الجزائر طالبة الشهادة
ذاقة الوان من العذاب ويله قداش كانت نارها وقادة
وقداش رفعت من حمول ثقيلة قوة وعزيمة عندها وايرادة
وسجل غراميات قيس وليلى على ذكر حوى يطربوا الميعاده
وعنتر وعبلة والف ليلة وليلة يروي الروي وسمعوا لعواده
وكثير وعزة كيف كان سبيله وكل حب صافي يجملو حساده
الحب النقي لا مصلحة لا حيلة الا دوام على فعل الخطى شرادة
الموضوع فيه سلاسة موضوع حوى منطقة حساسة
خوذ القلم واكتب على الكراسة واوصف اللى دارت الدم قلادة
عروس وطن هلي كاثرات اعراسة وفي زينها ما مجدوا المجادة
عجبها تراب الوطن شربت كاسه ولبست جواهر والمنادى نادي
ماهيش لعقود الذهب لباسة ولا في الملاهي بجسمها مياده
شريف اصلها ما تلحقاش وكاسه غلي مهرها ما هوش لحلبادة
هدت عللي خايبات اجناسه هي سناء محيدلي ياسادة
ونرجع قدا الحنانة اللي حاضنة العيلة بكل امانة
عطت عمرها لزوجها فرحانة وقالت ادلل رقبتي سدادة
انا امعاك وايكمل الله هنانا عل الود نبقوا عايشين سعادة
ولا ايسجلوا دارة العيب فلانة ولا شيئ باش ايخبروا الحسادة
ربيت عصاري بيتنا وضنانا غزال الارايل يصعب على الصيادة
وسجل على حوى الاميرة ديانا منين صوتها فوجه الامير تمادى
رفضت العيشة في قصور الهانا وتمت ضحية غدر يا نشادة
ونا في ديانا يهمني الانسانة لازين لا خزرة عيون همادى
امغير في المبادي نذكروك امعانا الموت خير من عيش حياة مرمادة
حوى صفاة النية وهي مدرسة الاجيال والبشرية
وهي اريج العطر وان عشية منين حركة ريح النسوم تهادي
وهي منتهى الاحساس بالغيرية لذكر الملامة والخطي عدادة
عضيم قدر مبروكة العلاقية الطليان يعرف شعبنا وجهاده
لبست الحولى وفرملة وطاقية ولنها مع المجاهدين سناده
بنت العرب لاقة ولد رومية نيران تقدح بين زوز هنادي
وي كل جبدة صبع طاحة مية ومية وراهم يلحقوا جرادة
حوى القدر والهيبة وحوى الفرج وقت الضروف صعيبة
ولو تشوف حوى والدموع سكيبة ترق الخواطر رقة الجدادة
وكل من ظلم حوى الله حسيبة يلقاه تالى في صحة واولادة
الايام دورة تقلبه واتجيبة وتسقيه من طعم المرارة صادة
الدنيا غرورة والايام عطيبة واللي زرعته يلزموك حصادة
هجم جيش يوناني بالف كتيبة عليشان حوى خربوا طروادة
عليها حكاوي واجدة و غريبة وباسبابها صارة حروب ابادة
وما من عليها الباكيات نحيبة قصة شهيرة في ملحمة الاليادة
حوي القدر والهمة وحوى ابتسامات الرضا في اللمة
تمسح على القلب الحزين الغمة تخليه زاهي بعد طول كسادة
جيت للكلام بقوة وضليت نبحر في شواطي حوى
فلول عجبني البحر فيه بروة تقول حلم نايم في لذيذ رقادة
ودورة بدا ايقلب امداير دوة وولت زروقيته اتقول حمادة
وبان الغضب على موجته يتلوى ودنيا غريقة مالهاش حدادة
تراجعت وسمعت البحر يتفوى سلطان حوى ما عليه سيادة
ومزال في حوى كوامن جوى لولا القوافي اسكرت بالادة