شدّت انتباهه الجموع المتزاحمة عند لوحة الإعلانات العريضة وسط الميدان، المزيّنة بصورة الناخب الأنيق المبتسم، شرع يقرأ مع الواقفين:
أنا مواطن من الدرجة الأولى، سلالتي عريقة، تنحدر من أصول ضاربة في العمل السياسي، جدّي الثالث باشا إبان الحكم التركي، والثاني مفتش أثناء الاستعمار الإيطالي، خاض عددًا من معارك الجهاد، والأول دبلوماسي خلال العهد الملكي، ووالدي مستشار أيام معمر، وأنا من ثوار الربيع العربي، ما يعزز انتمائي لأسرة لها وعيها السياسي العميق، وتسلسله المنتظم عبر جذور الماضي، واستشراف المستقبل،
انتخبوني، إنها فرصتكم الثمينة، أنا مواطن ثري جدًا، لذلك لن أختلس من المال العام. وكل مؤسساتي وشركاتي التجارية ستتولى الاستيراد، والتصدير، والإنشاءات، وإعادة التعمير، خدمة للوطن،
انتخبوني، سأعمل على راحتكم برفع أسعار الدقيق، والأرز، والمكرونة،، للتقليل من النشويات، وجعلكم شعبًا رشيقًا، يقفز خفةً. من أجل صحتكم أيضًا، سأرفع ثمن الطماطم، والمعلبات، لاحتوائها على مواد حافظة مسرطنة – يحفظكم ويحفظنا الله – أما اللحوم، وزيت الطهي، والسكر سنضاعف من أسعارها لخفض الكسترول، والوقاية من ضغط الدم والإصابة بالسكري،
انتخبوني تجدون ما يسركم، سأرفع سعر البنزين للتخفيف من استخدام السيارات، وحوادث الطرقات، ولتألف أرجلكم رياضة المشي تجنبًا لسمنة البطون، وامتلاء الأرداف،
انتخبوني أنا مواطن حازم وجاد، سأعمل على تجفيف مصادر العملة الصعبة لتصبح صعبة المنال بالفعل،
انتخبوني أنا مواطن صالح بامتياز، الأقارب وأبناء العمومة لن يتسببوا في إزعاجكم، سأبعدهم عنكم بالنفي في السفارات الأجنبية، وشركات الاستثمار بالخارج….
عند إعلان نتيجة الانتخابات، فوجئ بصاحب الصورة يفوز بنتيجة ساحقة، تساءل كيف تم ذلك بالرغم مما عرضه؟
كانت الإجابة: اختير لأنه كان أصدق المتقدمين.. وباح بما هم يكتمون.