من أعمال التشكيلي بشير حمودة.
قصة

أسئلة الدرويش المقتول


كنا قد قررنا ذلك الصباح أن نبيع الوطن ..
لم يكن هذا سطراً في ملحمةٍ شعرية، ولا شطحةً من خيال كاتب، بل كان قراراً جماعياً اتخذناه بلا تردد، نحن سكان بلدة “أم الجراد” المنسية في تجويفٍ غائر في جبل بعيد، قررنا أن نبيع الوطن ونستريح .

أعلن مختارنا القرار، هللنا له، صفقنا طويلاً، فنحن نحترف مهنة التصفيق منذ ثلاثة آلاف سنة على أقل تقدير، ونحن نحترف مهنة اتخاذ القرارات العاجلة منذ ما يزيد عن السبعين ألف سنة ، عندما كانت الديناصورات تجبرنا على ذلك أحياناً .
وحده “مستور” درويش بلدتنا عارض القرار :
ـــ إذا بعنا “أم الجراد” فكيف سنواصل بث الأغاني الوطنية من راديو البلدة، هل فكرتم في هذا الأمر ؟
ـــ حسناً، إذا بعنا بلدتنا، فكيف سنكذب على الأجيال القادمة؟ لقد كنا نكذب لأننا لم نكن قد بعنا البلدة بعد ، ولكن كيف سنواصل الكذب بعد أن نبيع ؟
ـــ طيب، عندما نبيع البلدة، من سيقبض الثمن؟ ومن الذي سيضمن توزيعاً عادلاً للثروة؟
ــــ انتظروني لحظة، من سيشتري؟ هل فكرتم في هوية المشتري؟ لابد من التأكد من هذا الموضوع .
ـــ هناك سؤال آخر ..
لم يكمل “مستور” سؤاله هذه المرة، قتلناه واسترحنا، قتلنا درويش بلدتنا وبعنا الوطن !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مجموعتي قيد البحث عن ناشر “أساطير أم الجراد الأولى”.

مقالات ذات علاقة

حقائب

سالم العبار

عبق وقلق

إبراهيم الككلي

أسطورة الجبل الأسود

الصديق بودوارة

اترك تعليق