أنا لا تعنيني العاصمة.. أنا تعنيني المدينة بشرا وتاريخا وثقافة. لا تعنيني العاصمة كمدلول سياسي لأنها لا تؤثر في حياتي الخاصة تأثيرا حاسما.. والسبب يعود إلى محدودية العلاقة التي يمكن أن أحتاجها من المؤسسات السياسية الموجودة بها…
كما لا يهمني أن أعدد شروط مستقرها وفي أي من الجهات الأربعة يمكن أن تكون.. وكم كانت لجنة إعداد الدستور مجنونة عندما بدأت مناقشة سؤال العاصمة وقد كاد الأمر أن يصل إلى حد التلاكم، ذلك لأنهم لم يفرقوا بين “العاصمة” و“مدينة طرابلس“.. حيث تحول السؤال إلى تنافس جهويات وكيانات واستغرق من اللجنة ثلاثة شهور من عبث الكلام “المهم متكونش طرابلس عاصمة“…
كان ذلك أمرا مضحكا ومأساويا، وهنا أنصح كل من ينتمي لطرابس ويختارها حبا وعيشا ومقاما أن يعلن “لا لطرابلس العاصمة نعم لطرابلس المدينة“.. دعوهم يأخذوا “العاصمة” ويختاروا لها أي مكان يفضلون، أما طرابلس فطلبها واضح وبسيط وصغير “أن يتركوها وشأنها“.. يكفيها أن تكون مدينة الشمس، وهو الاسم الذي أطلقه عليها الرحالة الأوائل، ثم تبع هذا الاسم أسماء أخرى كثيرة وكل اسم منها كان يضيف اسما جديدا يصف ما بلغت من ازدهار، وهذا لم يكن شيئا عجبا، فقد منحها الله جملة من العطايا، موقعها المتميز في منتصف الساحل الأفريقي على البحر الأبيض المتوسط، أقرب مدينة لأوربا وما يعني هذا حضاريا وثقافيا، أقرب مدينة إلى مدينة تمبكتو الواقعة في وسط أفريقيا، وفي تمبكتو تتجمع كل تجارة أفريقيا، هكذا تجارة كل أفريقيا تتجمع في طرابلس لتكون عامل جذب للتجار من كل أنحاء أوربا، ويسجل ما قرأنا من تاريخها أن طرابلس كانت في معظم مراحل حياتها تجمعا للحضارات ومدينة مزدهرة الأمر الذي جعل ميزانها التجاري يتمتع بفائض سنوي، كل هذا ولم تكن عاصمة سياسية ولم تكن تنتج قطرة نفط واحدة، كانت تعيش حياتها سلاما وازدهارا.
المنشور السابق
المنشور التالي
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك