محمد دربي
أ
إذا كان اللفظ الفضفاض المُتماهي مع ذاته، من خارج المجال المعرفي، ولعقود طويلة من الزمن، والمُتنكر للأسئلة الشاقة، يظهر في وقته ساعة اعتلال الرؤية ويسود بفضل الإعتقاد الثابت فإنّه ينهار في وقتٍ لاحق ليحل محله لفظ فضفاض آخر ليس صعب المنال فقد يتصل في موضع وينقطع صراحةً في مواضع أخرى. مثلاً ” الديمقراطية ” أفهوم جذاب لم يستطع الساسة التأهب لطلبه فصعب عليهم ما جدّ من شؤون السياسة فركنوا إلى التوقير الخيالي لفردوس ” من تحزب خان، ولا ديمقراطية بدون لجان ثورية”.
ب
ومن الحق في هذه الحالة أنْ ينتهي اللفظ الجديد مع صنوف خياله بكيفية طبيعية عادية من قاموس الناموس المثالي لأنّه يقع ضحية الزمن المتراكم المتوالي المتقلب في الفضاء الثقافي الرقمي وساحة التنافس التنظيري بالمعاكسة أو التعارض وحواراته المتسمة بفضول الكلام في غالب الأحوال بالسباب والشتيمة المنفلتة، ومن خلال أسئلته الداعية إلى الغفوة في وسط الشواغل والمصاعب المُلتبسة بالتوتر اليومي ولاسيما على “النت” جالب المسرات.
ج
يحدث هذا في زحمة النوائب السياسية وفي تدفقٍ عاصفٍ يحجب على المجتمع نعمة المعرفة ومعاملة الحياة برؤية واحدة لا ثانية لها وينتج خطاباً سياسياً له القدرة على المناورة خارج طرائق فهم الواقع الفكري والإجتماعي ليعيش داخل الوعي الشقي مرتدياً لبوساً من شبكة صلات التواصل السائبة في فضاء النت السابح في فضاء التفاهات الملتفة للنظر، يزيد في اتساع فجوة الثقافة وهواماتها داخل المملكة الموصدة في خدمة القتال الجهوي غير المشروع. ألسنا مهددين من فضاء “النت” الذي يدعو الناس أنْ تتفوق على الناس بينما يعجز في حماية البلد؟
هـ
صدى هذل التواصل السائب يعكس حالة الهبوط العام في الحياة السياسية المصابة بالخدر والتائه في فراغ الكلمة من أيّ معنى والتائه في فضاء ضبابية الرؤية التي من المُمكن ملاحظتها من خلال التجزئة والتنافر وعدم الثقة المتبادلة وفي غياب التوجه الفعلي صوب النظام والحرية وبناء ” الدولة” الشرعية. وهل نشأ هذا التواصل السائب بمعزلٍ عن حركة المجتمع التي ضيعت خدمة فكرة الاختلاف، وكيف نختلف، وكيف يُرد الحق العام بالصدق؟
ز
فهل غابت عنا مشكلة غياب الدولة في زحمة التفاهة أم عنصر الهدم صار أمراً طبيعياً في المجتمع وبطرق مختلفة؟ وهل غياب ” الدولة ” رديف غياب الحرية والكرامة والعدالة وصفاء الذهن والتعقل فضلاً عن الغموض في السلوك السياسي؟