شعر

مقعدٌ لعاشقَينِ..

صحراءُ تتورَّم في الخارطة.

مدنٌ تبحث في جيوب الغيبِ..

عن مفاتيحِ القرن.

شوارعُ تضيق بدخان سجائرك.

شرفاتٌ موارَبة..

تهذي برذاذ الغسيل.

على الرصيف تنحني..

لتعبرَ أسفل اللحم المُعلَّق.

تَمُرُّ مع امرأةٍ

يمنحها السائقُ الطريقَ..

مقابلَ ضوء ساقيها.

مُلصقاتٌ على الجدران.

عمالٌ على هامش الرزق..

يستنزفون فحمَ الأراجيل.

أحذيةٌ إيطالية..

لا تُجيد لغةَ شوارعنا.

عشاقٌ يتظاهرون بالقرابة ،

وقُبَلٌ مؤجَّلةٌ إلى القرن القادم.

أولادٌ يدفعون إلى الحلم..

عرباتِ التبغ ،

وبناتٌ فرِحاتٌ بالنهود الصغيرة.

هواتفُ ساخنةٌ حتى الصباحِ..

في انتظار حَلِّ أزمة السكن.

مآذنُ..

تَعِدُ الصابرين بقيامةٍ هادئة ،

وفقراءُ يُؤدلِجون الفشلَ ،

ويكتفون بمدح الفحولة.

هُويَّاتٌ متحفِّزةٌ في الجيوب

وأنتَ..

في آخر المقهى

تلعن (سنسفيلَ) الدولةِ

لأن الشاي بلا رغوة.

فتاتُكَ المستحيلةُ..

تهدر جسدها في حجرات القياس ،

والخمرةُ المغشوشة..

لا تكفي لغيابك..

ما إن يراك الآخرونَ

حتى يتجرَّعوا قامتَك ،

ويترنَّحوا…

عرباتٌ فارهةٌ..

تسرق الفتياتِ من شَرَكِ القصائد.

-رغم الكلماتِ المنتقياتِ بعناية

والأقلامِ المُرتَّبةِ في جيب القميص

ونقدِك الموضوعي للشعراء الكبار-

تُخبرُك الصديقةُ الجديدةُ :

أنَّ كُرسياً وثيراً

أفضلُ من قصيدةٍ غامضة

وتخسرُ لأنكَ هكذا ،

ولأن الحوانيتَ نصفَ المفتوحةِ..

تُحاذرُ القِبْلِيَّ واللصوص.

في جيبكَ قائمةُ مشتريات

في رأسكَ قائمةُ ممنوعات ،

وفي يدكَ ساعةٌ مُعطَّلةٌ ،

وخاتمٌ يَرُدُّ عنكَ المُعجَبات.

تَذَكَّرْ..

وصولُكَ إلى الوظيفةِ باكراً

لا يعني أنك صحوت

والأطفالُ النائمون طولَ النهارِ

سيُصادِرِون لذَّتَكَ..

في الليلةِ القادمة.

زوجتُكَ الغَيورةُ..

تُنظِّفُ ملابسَكَ من قَطران الشواطئ

وعينيكَ من صُوَرِ المذيعات.

تَذَكَّرْ..

ما يُضيء غرفتَكَ

ليس بالضرورةِ..

على ضوء امرأتكَ النائمةِ باكراً

تقضي ليلَكَ في انتظار قصيدة

وعلى سُلَّم المحكمةِ

تقضي نهارَكَ في انتظار مُطلَّقةٍ طازَجة

فيُصيبكَ الرعبُ ،

وأنتَ تُكابدُ المشهدَ

وأنتَ تَشُمُّ في العيونِ..

حريقَ الغابة

وأنتَ تبحثُ في المدينةِ

عن مقعدٍ لعاشقَينِ

وأنتَ تُطالعُ رسومَ صديقِكَ الساخرةَ

يُصيبُك مَزيدٌ من الرعبِ

حين تعود إلى البيتِ

دون أن تشطبَ القائمة :

عليكَ أن تنزفَ كثيراً..

ليَخِفَّ نومُك.

عليك بتجهُّمٍ رصينٍ

فالضَّحِكُ يُميت القلب

عليكَ أن تخترعَ اسمَك الحركيَّ

لكلِ عشيقةٍ جديدة

عليك أن تخمدَ ضوءَ النافذةِ

وتزرعَ في بابكَ عيناً سحرية

عليكَ أن تغرسَ سكِّينَكَ

في جسد المرأةِ

لتختبرَ حلاوتَها

عليكَ ما عليك

قبل أن تُقابلَ ـ وجهاً لوجهٍ ـ

وجهَكَ النحيل

جُرحٌ بحجم المِرْآة

وطنٌ شاسعٌ

لا مكانَ فيه لتأدية الحُب

نافذةٌ..

في آخر الممرِّ

تتسقَّطُ وَقْعَ الأحذيةِ المُدبلَجة

وصحراءُ

تتورَّم

في القلبِ

والخارطة.

مقالات ذات علاقة

كما يرحل الغزاة

سراج الدين الورفلي

أنا والآن

بشرى الهوني

عادة ليست سرية

محمد عبدالله

تعليق واحد

مقعد لعاشقين[1] | بلد الطيوب 28 يناير, 2014 at 04:01

[…] [1] عنوان قصيدة للشاعر سالم العوكلي […]

رد

اترك تعليق