المقالة

بين الشعارات والواقع: المرأة الليبية في معركة يومية

من أعمال التشكيلي الليبي الطاهر الأمين المغربي
من أعمال التشكيلي الليبي الطاهر الأمين المغربي

يحل اليوم العالمي للمرأة محملاً بالتهاني والشعارات التي تحتفي بدورها كأم وأخت وزوجة، لكن بمجرد أن تحاول المرأة الليبية أن تدير ظهرها في يومها العالمي عن واقعها، ستجد نفسها وحيدة تصطدم بجدران صلبة من القيود والتناقضات. إذ لا تزال تعيش في ظل منظومة مركبة من القمع، تبدأ بالأعراف والتقاليد الاجتماعية، مرورًا بالقوانين والتشريعات التي تُقصيها من حقوقها الكاملة، وصولًا إلى مجتمع يراقبها بعين صارمة، يُلزمها بالصمت والتنازل تحت مسمّيات مثل “العيب” والوصم الاجتماعي.

واقع المرأة الليبية بين القيود القانونية والاجتماعية

رغم ما يقال وما يكتب عن دور المرأة في بناء المجتمع، إلا أن القوانين الليبية لا تزال تنتقص من حقوقها الأساسية. فالمرأة الليبية التي تواجه التمييز في الميراث، وتقع ضحية للتحرش والعنف دون حماية حقيقية، هي ذاتها التي تُجبر على الزواج المبكر تحت غطاء الإذن القضائي، وتُمنع من السفر دون مرافق ذكر، ولا تستطيع منح جنسيتها لأطفالها. هذه الانتهاكات ليست مجرد حالات فردية، بل هي انعكاس لواقع اجتماعي وقانوني يعزز التمييز، ويجعل المرأة عالقة في دائرة من التهميش، وسط استنكار خجول لم يعد يحدث فارقًا ملموسًا.

بين الخصوصية الثقافية ومبررات التمييز

وعلى الرغم من أن المرأة الليبية تتشارك مع نظيراتها في دول الجوار الكثير من القيم والتقاليد، إلا أن واقعها أكثر تعقيدًا، حيث تتشابك السلطة الأبوية مع العوامل السياسية والاجتماعية لتفرض قيودًا أشد صرامة. ففي الوقت الذي شهدت فيه بعض دول المنطقة إصلاحات قانونية تعزز حقوق المرأة، لا تزال ليبيا تُمسك بمبرر “الخصوصية الثقافية” كذريعة للإبقاء على قوانين غير عادلة، وكأن حقوق الإنسان يمكن أن تخضع للاختلافات الجغرافية. والنتيجة أن المرأة الليبية تجد نفسها محاصرة بين إرث اجتماعي يقيد حريتها، وتشريعات تُكرّس التمييز بدلًا من أن تحميها منه.

رغم القمع… إرادة لا تنكسر

ورغم ما تضعه هذه التحديات من عراقيل، لم تتوقف المرأة الليبية عن الكفاح. فقد فرضت بعض النساء حضورهن في مجالات مثل الرياضة وريادة الأعمال والفن، وحققن نجاحات تجسدت واقعيا في حضورهن الاجتماعي رغم الظروف القاسية. فكل امرأة ليبية تناضل اليوم من أجل حقها في التعليم، العمل، الحركة، والاختيار الحر، تكتب فصلًا جديدًا في مسيرة طويلة من الصمود، وتُثبت أن التغيير ممكن، حتى في أحلك الظروف.

إن الحديث عن تمكين المرأة لا يمكن أن يقتصر على الشعارات والاحتفالات السنوية، بل يجب أن يتجسد في إصلاحات حقيقية على أرض الواقع. فبدون مراجعة القوانين المجحفة، وتفكيك القيود الاجتماعية التي تكبّل المرأة، سيظل الاحتفاء بها في يومها العالمي مجرد طقسٍ فارغ لا يعكس واقعها الحقيقي. وما بين التهميش المستمر والنضال الدؤوب، يبقى السؤال الأهم: متى تتحوّل التهاني إلى حقوق، والكلمات إلى أفعال؟

مقالات ذات علاقة

ليبيا القبيحة جدا..!! (اسئلة الدور الثالث)

سالم الكبتي

شاعر فاطمة والوردة

يونس شعبان الفنادي

قُتِلَ الجعد ومات إبن الراوندي (!!!…)(3/3)

أحمد معيوف

اترك تعليق