الجمعة, 11 أبريل 2025
المقالة

لماذا يلجأ الكاتب إلى الرمزية؟

من أعمال التشكيلي الليبي محمد الخروبي
من أعمال التشكيلي الليبي محمد الخروبي

لماذا يلجأ الكاتب إلى الرمزية؟ وهل تخدم الرمزية النص دائمًا؟

أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال تأتي دون الحاجة إلى العودة إلى ما كُتب عن الرمزية، وإنما من خلال ما علق في أطراف الذاكرة بعيدًا عن التفاصيل الأكاديمية.

في الماضي، ربما كانت الرمزية تُفرض بسبب الضرورة، كوسيلة للهروب من قبضة الرقيب الذي كان يقف عند كل حرف وفاصلة، بل وحتى عند الفراغات بين السطور، باحثًا عن أي مبرر لحبس النص أو حتى الكاتب نفسه. هذا الرقيب، الذي أقصده هنا بكل أشكال التابوهات، أصبح ملتصقًا بأفكار الكاتب، يسكن داخله، ويمنعه من التعبير بحرية، بل ويحصي أنفاسه وحروفه. لذلك، يلجأ الكاتب إلى الرمزية عسى أن يتفادى كمائن الرقيب.

لكن هذا الهروب قد يفسد النص أحيانًا، فيبدو مبتورًا أو غير مفهوم، ويصبح فهمه محصورًا في ذهن الكاتب، مما يجعل من الصعب على القارئ استيعابه. أو قد يترك الكاتب النص مفتوحًا لتفسيرات القراء، الذين ينطلقون في فهمه من خلفياتهم الثقافية وقربهم أو بعدهم من عالم الكاتب.

ما دفعني إلى هذا الحديث هو ملاحظتي لبعض الشعراء الذين يكتبون عن السياسة ويستخدمون غموضًا مقصودًا أو رموزًا مبالغًا فيها، مما يجعل النص بحاجة إلى تأويل ومفاتيح لفك شفراته، وكأنه قطعة شعرية تحلق في عالم غير محدود.

هنا يبرز السؤال: لماذا يلجأ الكاتب إلى الرمزية؟ هل لتجميل النص، أم لإغلاقه أمام رقيب لم يعد موجودًا، أم لإضفاء هالة من الثقافة على النص؟

أعتقد أن لكل مقام مقال، وعندما يكتب الكاتب، عليه أن يسأل نفسه: لمن أكتب هذا النص تحديدًا؟ الإجابة على هذا السؤال هي التي تحدد أهمية الرمزية في الكتابة. فقد يلجأ الكاتب إلى الرمزية لإجبار القارئ على التفكير والبحث عن مفاتيح لفهم النص، أو قد يقدم نصًا بسيطًا خاليًا من التعقيدات اللغوية والبلاغية، ليصل إلى أكبر عدد ممكن من القراء دون عناء. في النهاية، يبقى السؤال الأساسي: لمن أكتب؟ وهذا ما يجعل الرمزية أداة مهمة في يد الكاتب، إن استخدمها بحكمة. دمتم بأمن وسلام.

مقالات ذات علاقة

على هامش: تاريخ جامعة طرابلس

المشرف العام

حول الكتابة

عمر أبوالقاسم الككلي

الإنسان أولاً

محمد عقيلة العمامي

اترك تعليق