الثلاثاء, 8 أبريل 2025
المقالة

بعض النكت لا يكفي .. إذا اكتفينا بالضحك

الصادق النيهوم (الصورة: عن الشبكة)
الصادق النيهوم (الصورة: عن الشبكة)

تحدث د. مصطفى التير، عن محاولة لاقتراح تجربة في التنظيم الإداري، طرحت للنقاش منذ سنوات. ممثلة في فكرة أسميت (كومونات).

الجانب الذي سمعته مما قاله د. مصطفى التير، لم يتعد المفارقة الساخرة، التي كان طرفا فيها، مارس ما يبدو تفنيدا ساخرا. وذلك جدير أن يقربه، ولو بسخرية غير باهظة، من موقع التفنيد.

ومن يسمع كلمة (كومونة)، ممن قرأ بعض الشيء في التجارب السياسية، يذكره الاسم بمثيل له في التاريخ، غير بعيد.

والتأمل، يمكن أن يؤدي إلى استشعار أثر المصدر الفكري، الذي لعل الكاتب الراحل الصادق النئوم كان صاحبه، أو صاحب الاتجاه الدافع له.

..

بدأت مطالع تأثيرات الصادق النيهوم، من محاوراته، التي تابعها الناس على الهواء، في المؤتمر الوطني الأول للاتحاد الاشتراكي العربي في ليبيا. وذلك في تنويه النيهوم بتجربة التسيير الذاتي في يوغسلافيا وقتها.

جاء النيهوم، تلبية لحاجة معلن عنها، منذ الانتهاء من مناقشة محاور ما أسمي سنة 1970 (ندوة الفكر الثوري)، والإعلان أن المؤتمر الوطني مطروح أمامه محور لم يحسم، وهو (مشكلة الديمقراطية في مرحلة التحول الثوري).

كانت فكرة تنظيم الاتحاد الاشتراكي نفسها، مستقاة من فعالية تأثير الرئيس جمال عبدالناصر، وتجربته في الشقيقة مصر. وكانت هناك فكرة أخرى ما زالت لم تطبق اقتباسا من خطى الرئيس جمال عبدالناصر، وهي (مجلس الشعب).

التأمل المحايد، الذي يهدف موضوعيا إلى تحليل الموقف، وقاعدة التجربة، سيتوقف مع عنصري التجربة: الاتحاد الاشتراكي العربي، ومجلس الشعب.

فكرة (الاتحاد) في تجربة الدولة المجاورة، قائمة على تنظيم تفاعل قوى واسعة، ممثلة في الفلاحين والعمال والرأسمالية الوطنية. ولكن ليبيا لم يكن مجتمعها يحوي هذه القوى الاجتماعية بنسب مماثلة، ومؤثرة، إلى الحد الذي قد يدفع إلى احتواء صراع حاد لها، في تنظيم مشابه لما لجأت إليه تجربة الرئيس عبدالناصر، في واقع القطر المصري.

لكن التخوف المطروح في المناقشات الليبية، شهر مايو 1972, كان منصبا على (مجلس الشعب). وقد حمل الصادق النيهوم عبء التحليل النظري، الذي يجعل الليبيين لا يضطرون إلى نقل فكرة (مجلس الشعب)، استنادا إلى أن فكرة الديمقراطية تقوم على فعالية الكم. وأن ذلك يناقض قيمة تنشد للكيف، تمثله فكرة أخرى، وهي الشورى. وأن مفكرين غربيين شهيرين، قد سبقوا إلى نقد الديمقراطية.

جاء النيهوم في اليوم التالي لإعلانه رأيه، ليرد على منتقديه، بتعداده أسماء المفكرين الغربيين، رافعا أصابعه في الهواء: سارتر، برتراند راسل، ايريك فروم.

.. من يقرأ ايريك فروم، أو يسمع محاضراته، سيعثر على جذور لما كان يرشح من نفس النيهوم، لكي يطرح نظريا، في ما عرف من مفارقة التجربة الرأسمالية الغربية.

ومن يقرأ بعض ما كتبه الفيلسوف برتراند راسل، أيضا، سيعثر على أصل لأصداء ممثلة في الكلام عن المرأة مثلا، وعلى الأخص في كتاب راسل (المرأة وأخلاق الجنس).

والأمر نفسه يمكن أن يعزى إلى ما قد يكون لهج به النيهوم، وتفتق في مقترح (كومونات) انطلاقا من تجربة شبيهة في الديمقراطية السويسرية، تسمى (كانتونات).

..

محاولة الصادق النيهوم السياسية، في اقتراح ما قد يبدو أن وعيه السياسي قد وجد فيه سبل تمثل، قد تكون بدأت قبل سنة 1972 نفسها. وذلك يمكن تخمينه من واقعة صغيرة، تمثلت في العثور على مفكرة شخصية للملك الراحل، ذكر فيها وجوب التفكير في تطوير النظام، ليقترب في الحد الأدنى من التجربة اللبنانية، وفي الحد الأقصى، من التجربة السويسرية.

.. هذه المفكرة تسلمها الصحفي الراحل محمود السعدني، ونشر بعض ما وجده فيها في سياق سخرية، لأن المفكرة حوت أمورا شخصية.

بالتأمل في ما تكامل التعبير عنه لاحقا، قد يكون تخمين تعبير النيهوم عن اقتراحات للتنظيم السياسي للبلاد، قائما، بانتقال مؤشرات لهذا التفكير عبر وسيط، قد يكون رئيس الوزراء الراحل عبدالحميد البكوش، الذي قد يكون الصادق النيهوم التقاه في طرابلس، مع الكاتب الراحل كامل المقهور.

وهذا، يضم إلى قوس الأفق نفسه، مقترح (الكومونات) أثرا من تجربة التنظيم الإداري السويسري، الممثل في (الكانتونات).

مقالات ذات علاقة

الروائي إبراهيم الكوني يقول: أنا صنعت ليبيا

سعيد العريبي

التناغم والتوافق في قصيدة طق العود

المشرف العام

الفيدرالية والأمية السياسية

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق