حينما تضيق بنا الدنياّ، وتلفظنا الشوارع بفعل جهل السياسة، وبعض السياسيين يصير المدى كلّه سواد ا في نظر اليائسين، وساعتها تضيق بالناس مساحات القلوب، وتتسع مسافات التقارب ويزداد التباعد أكثر، فتتحوّل الحياة إلى جحيم جهنميّ لا تعرف فيه النار إلا لذة الحطب، ويصبح الانتقام كائن بشري يمشي بلا قدمين يتحدث بملايين الألسنة ويرصد بآلاف الأعين الخائنة الحاقدة المتربصة.
الانتقام هو أن يضيق قلبك بمحبة الآخرين حتى يغدو تفكيرك كلّه. كيف ترد الإساءة بالإسـاءة،؟وأن يكون ذلـك الرّد أقوى إيلاما، وأوجــع تأثيـرا ممّا لحـقك مـن غـيرك صدفــة أو عمدا، ويظلّ الانتقام يتراكم طوفانا من الأحقاد والكراهية فلا تبقي في قلبك نقطة صفاء ،أو بياض وفي وسط ذلك السواد الذي يغمر روحك الحاقدة والكارهة الماكرة الأمارة بالسوء، تصير الكلمة عندك رصاصة قاتلة، موجعة مؤلمة، وجارحة صادمة، وتصير النظرة منك صورة أخرى للوجع الذي يعـمّر في داخـلك، وتصير الفـكرة عندك انتـقاما هائـلا مـدمّـرا ، حتى لا تعرف إلا الاستزادة من الألم لمن تريد الانتقام منه.، وفي هذه اللحظة القاسـية عليـك أن تكون وجها لوجه مع من تحمل له ي قلبك الحقد والكراهية، ولتكن بينكما مساحة للتقارب من اختيار الكلمة التي تفتح بينكما فضاء للحوار المليء بالاحترام والتسامح وليكن حوارا هادئا يمدكما جسرا من التواصل بعيدا عن أي تشنج أو غضب قبل أن تحدث الكوارث القاتلة.
للانتقام طعم ولون، طعم أشدّ من مرارة الحنظل، ولون أشدّ من حلكة ظلام الأبدية، فلا تجعل حياتك كلّها بحثا عن المرّ القاتل، وبحثا عن الظلام الدامس الأعمى، فتصير حياتك، كحياة الخفاش الذي وحده من يعرف طريقه في الظلام، ولتعلم أنّ الانتقام هو سلاح الضعفاء، والجبناء. فما أقوله من كلام الذي منبعه القلب: الى كل إخواننا في الجزائر وفي كل أوطاننا العربية التي تستند في حل قضاياها الأسرية والمجتمعية في لحظات التهوّر وفي مساحة الكراهية التي تفتح أبوابها على الثأر والانتقام.. وحده الخطاب القويّ المتزن من يستند عليه العاقل من أبناء البشر لإنهاء الخلاف والازمات مهما كانت صعوباتها. تحيتي إلى كل قلب نابض بحب الأخوة والوطن.