الطيوب
نظم المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية ضمن موسمه الثقافي لعام 2021-2022م بطرابلس محاضرة بعنوان (جدلية العلاقة بين الحضارات والتاريخ المعاصر للهُوية الليبية) وذلك مساء يوم الأربعاء 9 مارس الجاري بحضور لفيف من المثقفين والمهتمين، أدار وقدم المحاضرة الدكتور “علي الهازل” وألقتها الأستاذة “مفيدة محمد كريديغ” واستهل الدكتور الهازل في معرض مقدمته مُضيءًا على محطات من السيرة الذاتية للأستاذة مفيدة فهي حاصلة على ليسانس آداب وتربية من جامعة الزاوية ونالت إجازة الماجستير في تخصص تاريخ قديم عام 2013م ومن أنشطتها العلمية القيام بحملات توعوية عن الموروث الثقافي بالإضافة لتوليها رئاسة قسم الآثار لكية الآداب والتربية صبراتة من عام 2018 وحتى عام 2020م، وقد صدر لها عدد من المباحث والورقات العلمية أبرزها بحث نشر في مجلة الباحث لعام 2020م بعنوان (دجلة الفرات في الأدب والفن العراقي القديم) وبحث نشر في مجلة مسارات لعام 2021م بعنوان (المسلات في العراق القديم).
وتناولت الأستاذة مفيدة في سياق محاضرتها عدة محاور حول جدلية العلاقة بين الحضارات والتاريخ المعاصر للهوية الليبية، حيث طرحت بأن سؤال الهوية يزداد في الظهور عند المنعطفات التاريخية لاسيما في مسيرة الأمم والشعوب فشهدت أزمنة متعددة انتقالات وتحولات كبرى للحضارة الإنسانية وما أعقبها ذلك من الأزمات، وأضافت أن الأزمنة التي تتسم بقدر كبير من الاستقرار والاستتباب ففي الغالب تكون قضية الهوية بالنسبة للأفراد أقرب إلى الثبات والديمومة الأمر الذي لا يقتضي مبررا للفكر فلا تُطرح حولها التساؤلات.
من جانب آخر أكدت على أن الهوية الليبية تشكلت عبر مجموعة من المعطيات والمحطات التاريخية الهامة التي تمخضت عنها عدة مكونات ومن نتائجها الميراث الثقافي المادي واللا مادي، وهو أمر يُمكّن المجموعات من إدراك ماهية هويتها وتضطلع بالمسؤولية نقلها وتوريثها للأجيال المقبلة كون أن الموروث الثقافي للأمة يرسخ الهوية ويجعلها أكثر عقلانية بغية تقوية وتعزيز معنى الانتماء والشراكة لينأى المجتمع عن نعرات الإقصاء لوضع قواعد سليمة تُبنى عليها دولة المؤسسات والقانون.
وأوضحت أن ليبيا مرت بأزمة حقيقية حول مفهوم الهوية بعد عام 2011 ما دفع بالكثيرين لطرح سؤال من نحن ؟ وما هي القواسم المشتركة بين الليبيين ؟، وتابعت أن للهوية جانب خفي يستثمر في أغلب الأحيان لإذكاء جذوة الصراعات والتصادم المباشر وهو معطى لا يخضع لحسابات القوة ومنطق السيطرة فقوة الهوية تتمثل فيما تملكه من قدرات عالية على هضم واستيعاب المشارب المتنوعة والمتعددة داخل مكونات المجتمع لتحولها بعد ذلك إلى ثروة وطنية، فاستمرارية الأمم والشعوب تنهض على حتمية الوصول لعملية التجانس والانسجام الحقيقي بين أفرادها وبالتالي يتمكن أفراد المجتمع من الوقوف على أرض صلبة إزاء تحديات الواقع وآفاق المستقبل.