الثلاثاء, 8 أبريل 2025
متابعات

بيت نويجي يحتضن نهارات بوكليب اللندنية

الطيوب

ندوة ثقافية حول رواية (نهارات لندنية) للكاتب والأديب “جمعة بوكليب”

أقامت الجمعية الليبية للآداب والفنون مساء يوم الثلاثاء 15 فبراير الجاري ضمن موسمها الثقافي لعام 2022م ببيت نويجي للثقافة والفنون بالمدينة القديمة طرابلس، ندوة حول أحدث إصدارات الكاتب والأديب “جمعة بوكليب” المعنونة بـ(نهارات لندنية) وذلك برعاية مكتبة الفرجاني، وسط حضور لفيف من الأدباء والمثقفين والمهتمين، أدارها الكاتب “مفتاح قناو” وشارك في الندوة الدكتور والأكاديمي “حسن الأشلم” بورقة بعنوان (قراءات في البُعد الأجناسي في نهارات لندنية) الذي تحدث قائلا أننا أمام نص يبتعد بنا عن الانفعالية والخطابية والمباشرة والحديث النمطي عن السجون ومعاناة أدب السجون فالنص يختار زوايا أخرى ضيقة جدا ودقيقة وبها تفاصيل ومرايا اختارها الكاتب بعناية واستطاع أن يخرج بنا من ذلك المأزق الذي توقعنا ربما أن يقع فيها الكاتب.


واستشهد الدكتور الأشلم ببعض مقاطع من الرواية، وأضاف بأن الالتقاطة الثالثة أفكر أنها عندما يقرر كاتب سبعيني مهنته الكتابة كتابة رواية في مغامرة السبعين لمن تشبع بتجربة السجن قبل مايزيد عن ثلاثين سنة وعاش الغربة ومارس الكتابة القصصية والترجمة مشيرا أن كل تلك العوامل تجعل التجربة في التجنيس الكتابي السابق هي قيود كفيلة بأن تجعل من النص الروائي حلما مؤجلا ومهددا بأن يولد مشوها أو ربما ناضجا عقلانيا أكثر مما يجب.

ورأى الدكتور الأشلم أن هنالك فرق بين كتابة رواية متحررة ورواية هي نابعة من تجربة عميقة قيود الجنس السابق الذي يمتهنه الكاتب أيضا تسيطر، كما أوضح أنه ما من شك أن هذه الاحتمالات تجعلنا أمام نص ربما يؤثر فيه السجن وربما تؤثر فيه السيرة الذاتية أيضا وتأثير الصحافة بتقاريرها المتقصية الباعثة للقصة القصيرة وكيف ألقت بظلالها على هذا النص، وأردف الدكتور الأشلم معتقدا أن نص نهارات لندنية قد جمع كل هذه الأبعاد الجنسية وبالتالي يمكن لهذا النص أن يُقرأ على أنه أربعة عشر مقالا صحفيا سرديا ويمكن أن يُقرأ على أنه أدب من أدب اليوميات ويمكن أن يقرأ على أنه سيرة ذاتية مقالتية.

وشارك الكاتب والناقد “رمضان سليم” بمداخلة عنوانها (قصة مدينتين) حيث استهل حديثه بالاعتراف أنه لم يجد بابا مشرعا ومفتوحا يمكنه من الدخول لعالم رواية نهارات لندنية بسهولة وأوضح بأنه نص بسيط في ظاهره ولكنه عصي إلى حد ما فحاولت أن ألج إلى رحم هذه الرواية مثل العادة لكني لم أستطع وحاولت أن أستفيد من بعض الأراء النقدية والمناهج السردية والتي أعرف القليل منها، والنقاد كثيرون ويجدون عدة طرق للتعامل مع النصوص السردية، فقلت في نفسي أحاول أن أمسك بمنهج أو شبه منهج لأنني لا أجيد تطبيق أي منهج من المناهج.

وتابع مضيفا أن هناك على مشارف النقد الأدبي ما يسمى بقراءة الفاتحة النصية وأنا أسميها قراءة الفواتح النصية والمقصود منها هو أن نقرأ بدايات النص ونحاول من خلال هذه القراءة أن نتعامل مع بنية النص بعد ذلك، وأشار الكاتب رمضان سليم أن مقدمة النص عبارة عن رسالة من لندن إلى طرابلس فطرابلس حاضرة في النص فالمقدمة يمكن اعتبارها جزء من النهارات المتتابعة ويمكن اعتبارها خارج النص كونها رسالة موجهة إلى صديق، وهذه الرسالة تعطينا البُعد الاجتماعي لهذه الرواية وعندما نقول البُعد الاجتماعي لا أقصد هنا التبسيط ولكنه المستوى الأول للقراءة.

وأكد الكاتب رمضان سليم بأن السارد تحولت فكرة كتابة رواية هاجسا لديه يخاطب فيه حتى اللذين لا يعرفهم وهو لا يريد أن يكتب رواية حول السجن وحول تجربته في السجن لأنه مرعوب من السجن ويريد أن ينتقل لفكرة أخرى مغايرة تماما ليس لها علاقة بتجربة السجن لكونه لا يريد أن يعيش التجربة مرتين والسارد أيضا خائف من أن تتعرض روايته للمقارنة والمنافسة مع روايات أخرى، وأردف أننا نلتقط من هذه المقدمة مجموعة من المسارات الأول لندن طرابلس فلندن هي موضع القدم الأرض الفعلية التي تسير عليها الأقدام وطرابلس هي المكان الآخر وطن أول ووطن ثان وطرابلس ليس لها وجود فعلي فهي في الذاكرة فقط والسارد يعود بنا عن طريق الفلاش باك بين الحين والآخر والمنبهات كلها في لندن.

كما كان للناقد والأكاديمي “عبد الحكيم المالكي” مشاركة من خلال ورقة بعنوان (دراسة لرواية نهارات لندنية)، الذي أكد بأن الهاجس لدينا كلنا على ما يبدو فالتصورات الأولى عن الرواية يكتبها الكاتب فيكتب أول رواية متشحة بعدم اليقين بامكانية قراءة رواية جيدة أو مميزة، وأوضح المالكي بأن الكاتب بوكليب استخدم كل الأساليب والتقنيات التي يستخدمها كبار كتّاب الراوية لينتج نصا ظاهره بسيط ولكنه متعدد في حكايته خارج عن المكان فالمكان هنا مجرد وهم يطرحه الروائي لكي نعتقد أننا في لندن لكنه في الإنسانية كلها، هو نص كبير وأنا أقول دائما عن مثل هذه النصوص عندما أقارنها ببعض النصوص البسيطة، وأضاف المالكي أن هناك نصوص مميزة من أي مكان يمكن الاشتغال عليها فمستويات فعلها التقني والإبداعي متعددة.

مشيرا إلى أن وعي الكاتب باللغة ووعيه بالامكانيات السردية المتاحة لديه بالأساليب الحجاجية بالأساليب الإنشائية مميز جدا لهذا تجد نص تستطيع أن تدخل إليه من أي مدخل علمي باعتبار أن دراستنا تنطلق من مناهج محددة نتمثلها داخل النص ثم نحاول أن نستنطق أسباب توظيفها وأليات هذا التوظيف، وأضاف أن الأعمال السردية دائما الرسالة ماتسبب هبوطا فمن الصعب أن نجد رسالة تُحدث توترا لدى القارئ أو تجعله ينفعل معها فماذا فعل الأستاذ جمعة كي يقنعنا برسالته ويبدأ منذ اللحظة الأولى في بناء شخصيته، ولفت المالكي أن الكاتب قد وظف في نصه أساليب النفي والإثبات وهي تشد المتلقي ووظف أيضا ما سمّاه المالكي بالتأطير ففي كل جملة سردية الحدث حاضر معه الزمان والمكان بيئة مكانية محددة تُرسم بشكل دقيق جدا كان هناك انضباط كبير في تناول التقنيات السردية بما يخدم الحالة المطلوب بثها للقارئ من قبل المتكلم.

وشارك أيضا الكاتب والدبلوماسي “حسين المزداوي” بورقة بعنوان (سياحة نقدية في نهارات لندنية)وأشار المزداوي بأن الرواية تبدأ بطرح فكرة كتابة رواية تتناول قتل الزوجة لزوجها أو قتل الزوجات لأزواجهن والتي نراها تتردد في أكثر من موضع دون أن تتحقق إلى نهاية الرواية مضيفا بأن هذا التملص الفني والهروب الحكائي نراه أيضا في احجام الراوي في الخوض عن تجربة السجن بممارسة هروبه إلى الأمام إلا أن هناك حالة اضمار لهذه التجربة وكأن السجن حاضر ولكن بشكل معكوس في الرواية حيث يتبدى في حالة التعويض والانطلاق ويتصور المزداوي أنه حتى رواية قتل الزوجات لأزواجهن المفترضة هي حالة رمزية للسجن الذي يفتك بمساجينه وهو أيضا فكرة (الدولة) وهي تفتك بأعمار أبنائها واقصائهم عن الحياة العامة فالسجين هو شخص مقتول إلى أمد غير معلوم.

وأوضح أن رواية غير منجزة نجدها مبثوثة داخل الرواية في حركة الراوي وعلاقاته وشخوصه بشكل أو بآخر فأصبحت سؤالا تتوزع إجاباته في كل خطوة من خطى الراوي من نهارات لندن حتى حكاية سجنه المرير هو ذاته ذلك السجن الكبير الذي ضم الملايين وتابع المزداوي أن اختيار الراوي لشخوصه الهاربة من أوطانها المقتولة فيه هو يتحدث عن تجارب هؤلاء المطاردين والمسجونين والمغرر بهم اللذين لم يعد لحيواتهم أي معنى فلم يعد للوطن القديم معنى إلا أنه جغرافيا وبعض الحنين لأيام الطفولة وبعض المفردات والتعابير الشعبية التي بقيت إلى حد ما رباطا يشده إلى تلك الجغرافيا وفجوة إنسانية في جدار التوحش والإقصاء يتسرب منها ضوء إنساني في شكل أمثال وتعابيروذكريات الطفولة والصبا.


ويعتقد المزداوي أن الرواية تمارس عملية تعويضية عما أفقده السجن فنجدها زاخرة بما مفتقد في السجن زاخرة بمفردات الحياة والحرية كالنساء والمقاهي والمطاعم والبارات والمحطات والجرائد والكتب وكل شيء محكوم عليه بالاختفاء داخل جدران السجن حتى التدخين نجده حاضر وبشكل مميز ولذلك جاءت الرواية لتحقق الحركة والسعي وكل شيء مفتقد تسعى لاحياءه وإبرازه.

ثم أعقب ذلك مشاركة بعض الحضور بتسجيل تعقيباتهم وملاحظاتهم حول ما جاء من قراءات نقدية وانطباعية للكتّاب المشاركين، فقد أدلى الشاعر والكاتب “رامز النويصري” ببعض الملاحظات وكذلك الشاعر والكاتب “أحمد بللو“.

مقالات ذات علاقة

متابعة لمشاركة وفد رابطة الأدباء والكتاب الليبيين في اجتماع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب والفعاليات المصاحبة له بموريتانيا

المشرف العام

أمسية تُحيي ذاكرة الشعر الليبي

مهنّد سليمان

إضاءات مجمع اللغة العربية على أدب زياد علي

مهنّد سليمان

اترك تعليق