تاريخ

ليبيا نجمة وهلال

يوسف أحمد الختالي

السرايا الحمراء (الصورة: عن يوسف الختالي)

لا أدري متى اعتلى الهلال والنجمة قمة هذا المعلم الفاشي وحل محل تمثال “ذئبة روما” وأم “ريموس ورومولوس”ّ!

وهذه الصورة حقيقية وليس بها إي تزييف، فلقد استنسختها من كاتالوج للسياحة في ليبيا باللغة الألمانية ربما أصدر في أواخر الستينات، عند أواخر أيام الملك إدريس الأول؟

ولكن أود أنوه إلى “الهلال” لم يتخذ كرمز للإسلام في أي مكان من العالم الإسلامي، إلا بعد انتصار الأتراك العثمانيين على مدينة بيزنطة العاصمة الشرقية للروم المسيحيين. إذ كانت هناك أسطورة تروى حول انتصار القائد “محمد الفاتح” على بيزنطة، فبينما كان يحاصر المدينة، رأى صورة انعكاس الهلال على سطح بركة من الدماء، فسأل مستشاريه عن معنى هذه العلامة؟

فأجاب المستشارون بأن التأويل يعتمد على حالة الهلال:

فإذا كان في حالة “التزايد” فإن مدينة بيزنطة ستنتصر.

وإذا كان في حالة “التناقص” فإن السلطان القائد محمد الفاتح سينتصر.

وكان القمر بالفعل في حــالة “التناقص”، وانتصر محمد الفاتح على عاصمة الروم الشرقيين.

وكان دخوله في يوم الثلاثاء 29 مايو عام 1453م.

الأهــم من كل هذا، أن “الهلال” كان رمزا للإمبراطورية البيزنطية وللديانة المسيحية، ويوجد العديد من الشواهد الأثرية لنماذج “الهلال” كأيقونة مسيحية ليبية، عندما كانت طرابلس وبرقة خاضعتين للنفوذ البيزنطي، فيما قبل الفتح الإسلامي.

ولهذا اتخذ العثمانيون الهلالَ رمز لهم ولكامل الخلافة العثمانية، فالهلال كان يرمز في ذلك الوقت إلى استيلائهم على بيزنطة عاصمة الإمبراطورية المسيحية الأولى.

قبل ظهور وهيمنة الخلافة العثمانية عند بداية القرن السادس عشر، لم يكن رمز “الهلال” يعلو أي مسجد ولا جامع في العالم الإسلامي قاطبة، بل ومعظم مساجد طرابلس وباقي إفريقية لم تكن لها حتى صوامع، لأنها كانت تعتبر مقتبسة من الكنيسة حسب فقهاء إفريقية والمغرب. يمكننا ملاحظة ذلك في مساجد وجوامع جبل نفوسة وطرابلس العتيقة.

إذ لم تنتشر فكرة إلحاق الصوامع بالمساجد إلا في العصر الأموي، انطلاقا من الشام، بعد تحويل الكنيسة الرئيسية بدمشق إلى مسجد، ونظرا للخلافات المذهبية بين الفقهاء المشارقة والمغاربة، واجهت الصومعة – كمفردة معمارية إسلامية- المقاومة والرفض في شمال أفريقيا حتى وصول النفوذ العثماني إلى طرابلس عند منتصف القرن السادس عشر ميلادي.#

مايو / 2020

مقالات ذات علاقة

كتّاب الاسياد

المشرف العام

من تغطية مجلة “بايستاندر” البريطانية لمذابح الغزاة في ليبيا

بدرالدين المختار

الفرقة الليبية الأولي في الجيش الايطالي “فرقة سيبيل”

المشرف العام

اترك تعليق