المقالة

طحالب!..

.

لا أحد يعرف من هو صاحب اطلاق هذه التسمية، على من كان له تاريخ موال للعهد السابق، أو عضوا بارزا في احد اللجان الثورية أو ماشابه، أو كان مواليا خلال ثورة فبراير لحكم الطاغية، وثبت عليه هذا الولاء بمظاهر التعبير المتمثلة في صور الطاغية واللون الاخضر، او التواجد في مسيرات التأييد وحفلات باب العزيزية، أو الظهور عبر الشاشات الرسمية بما يمثل الرضا والموافقة على ماكان يحدث، فحينما كانت الكتائب تدمر وتنتهك وتقتل، روت دماء الشهداء تراب الوطن بلا توقف، ودفنت الأطراف المبتورة والجثث المجهولة في جنائز ومقابر جماعية تدمي أكثر القلوب قساوة.

حينها كانت كلمة السر التي صنف بها الناس بعضهم بعضا الى فريقين هما “مخطط” او “سادة” و “اخضر” في دلالة على اعتناق الثوار راية الاستقلال، مقابل فريق يعصب رأسه أو يلتحف بلون الاخضرار، او يطوق معصمه بشريط منه، كما شاهدنا من كانت ملابسه بذات اللون ونساء استعملنه كغطاء رأس!

البعض سمع كلمة غريبة لأول مرة في حياته، تصف هؤلاء بأنهم من “الأزلام” وغدت لاصقة بالأتباع، ونعتا لمن كانوا يستعرضون مايؤكد التبعية، ولم نعرف ان معنى الكلمة في قواميس اللغة العربية هي “الذي خَلْفَهُ يُشْبِهُهُ كأَنَّهُ هو” أو -كما أوضح أحد المتقعرين فيها- بأنها تعني “الُخُلص الأوفياء” فتردد البعض حولها، فهي بذلك لم تعد “سبة”! كما انتشر وصف “الطابور الخامس” واندلع بين العامة دون معرفة لمنشأ التسمية، مادام الاستخدام واضحا لهم، وهو الأهم.

قرب “جامع عمورة” حينما كنت أرصد بعدستي جداريات تحرير طرابلس، قرأت لأول مرة عبارة أضحكتني تقول “ياطحالب..ياطحالب عيشوا معانا الله غالب” مايعكس التسليم بالقبول والتعايش السلمي مستقبلا، لكن المؤسف أننا نرقب كل الدعوات للمصالحة ينادي بها الوطنيين ممن عيونهم على الوطن والمستقبل، في حين المتورطين لايزالون في جاهليتهم، فهم عوض المبادرة بطلب الاعتذار، نراهم لايستجيبون! ولم يخرج علينا مثقفا واحدا معتذرا، كما يجب الا نستهين بأعدادهم بيننا، فلا تزال صور الجمعة الخضراء في الصيف الماضي ماثلة أمامنا، فهم حتما لم يتبخروا! لكنهم استبدلوا الثياب والراية، بعدما كانوا يهددون بالسلطة والسلاح، فهم من أطالوا من عمر حكم الطاغية، الذي دمر البلاد وأهلك العباد، ولايمكن تجاوز كل ماحدث من معارك لفظية في المحافل العامة، دون وضع معايير الادانة التي قد تمنع من الحضور، او إعتلاء المنصة للتعليق فترة زمنية يتفق عليها، هدف الوصول الى صياغة مقبولة، لايتحول بها كل تجمع ثقافي الى مايدعو للأسف، بسبب صراخ وتوبيخ واتهام، وسماع متكرر لكلمة “طحالب”!

مقالات ذات علاقة

الصادق النيهوم… بين محاكم التفتيش ودواوين المحنة…

علي عبدالله

أوهام رواندية

المشرف العام

المثقف.. من هو؟

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق