أين تختبي القصائد التي لم يتم تدوينها؟ (الصورة: صحيفة أخبار بنغازي).
استطلاعات

أين تختبي القصائد التي لم يتم تدوينها ؟؟

استطلاع: حنان كابو

أين تختبيء القصائد التي لم يمنحنا الوقت لتدوينها لانشغالنا بأمور أخرى ، هل يمكن إعادة أحيائها من جديد وبعث الروح إليها !؟ هل يمكن إستدعاء الشعر متى أردنا ونحن في أبهى حلة لاستقباله ؟ هل يحب الشعر مراسم التقليد ؟أم من طبعه المباغتة وألا يفر هاربا كمذعور

أين تختبي القصائد التي لم يتم تدوينها؟ (الصورة: صحيفة أخبار بنغازي).
أين تختبي القصائد التي لم يتم تدوينها؟ (الصورة: صحيفة أخبار بنغازي).

قالت لي صديقتي الشاعرة يوما : أنا لم أدس الشعر تحت وسادتي أثناء النوم ،كم من القصائد أجلت كتابتها وذهبت مع الريح .

يعتقد الشاعر جمعة عبدالعليم أن القصائد التي لايتم تدوينها في وقتها تتبخر كقطرة ماء في يوم قائض ويضيف ” ولكنها حتما ستتحول إلى جزء من سحابة وتهطل ذات يوم في قصيدة أخرى.. الشعر فعلا كائن مذعور يفر هاربا إذا لم تقتنصه اللحظة فهو كذلك .. ولكن لا مناص لكل طائر من الوقوف يوما على ساق شجرة من أشجار الإلهام وعند إغرائه بحبوب الكلمات العاشقة الطرية الرطبة فلا اظنه يقاوم النزول إلى أرض القصيدة ..

تؤكد الشاعرة الناقدة حواء القمودي أن القصائد لاتعرف الاستئذان ولن تهتم بطرق الباب

“يا لحزني على قصائد تناثرت في فضاء ما …. اخذت بتلابيب روحي ، أقلقتني وجعلت مني في احيان اضحوكة … او اين انا ومن معي .. هي تهطل تتدفق وبيدي مقلاة

تهطل في الروح وتتشقلب في القلب صورها وتتشكل كلماتها تصل الى مدى الوعي اشعر بها على طرف اللسان … حتى أني أرددها …. ولكن اكون منشغلة او غاضبة او في حديث …. اقول بعد قليل سأكتبها ….والحكاية معي اني أحب الورق خاصة الكراسة المدرسية ، اغلب قصائدي أجدها هناك نائمة ببهجة ، وهكذا حين لا اجد كراسة او يختفي القلم المشاغب شيء ما يحدث ، ربما كما قلت صديقتي الشعر كائن مذعور … او كما اظن هو مدلل حد الترف غيور متملك ، وحين انشغل عنه وهو يطرق الباب او يتسلل من نافذة حينذاك سينكسر قلبه ويغادر ، لذا حين اريد ان أدونه لا أجد تلك الصورة التي تذوقتها روحي ، لا اجد تلك الكلمات الباذخة التي تشكلت ، حينذاك أبكي لأن تلك الأيقونة ضاعت ولن أستعيدها ، فقط يحدث احيانا وانا أدون قصيدة جديدة اشعر ان صورة ما او جملة كانت مختبئة في مكان قصي وقررت الاعلان عن وجودها …. اقول ربما …. هل التقنية جعلت من السهل تدوين ما يخطر لنا ما يطرق ابواب القلب …ربما … لكني مازلت اجد في كراساتي المثناترة نتفا من كلمات وصور وبعض بكاء .”

وتصف الشاعرة القادمة من البحرين الشاعرة بتول حميد أن الشعر فخ وجودي رائع يدعو دوماً للكتابة ” و يومض بريق الفكرة بشكل طارئ في موقف حياتي سريعا ربما.. مقطع موسيقي أو التفاتة إلى لوحة فتنت بها، بيْد أنه ليتمدد بأريحية يحتاج إلى عزلة. أحاول دائماً كتابة ما يشبهني، ما يصلح لأن يحكي ـ بتوجس أو ثقة ربما – عن هويتي من مشاهد رأيتها أو أخيّلة تمنيتها أو تفاصيل حياتية عشتها بكثافة.”

تتساءل الشاعرة نعيمة الزني وهل يؤجل العشق وهل تؤجل الولادة.؟

“يباغتني دون سابق انذار..اجد نفسي معبأة به..يقتادني دون ان ادري لامجال معه للانتظار..ينسكب بجوارحي ويشل حركتي ويملأني بفيض وفيض..يكتسحني يخترق حدودي ..يسطو عل لساني وقلبي وعيني ويسكن جسدي يراقصني على ايقاع ليس كاي ايقاع..فكيف أؤجل ..؟تلك اللحظة وجلالها..

انه سلطان الشعر..يؤجج لحظة يصعب استحلابها وهل تحنط اللحظات المدهشة إلى حين العودة اليها

هل يمكن تجميد تلك الاحاسيس الفياضه المذهلة ..المسماة شعرا لحظة ميلاد قصيدة ما بانسكاب خواطر طاغية ..؟..لايمكن

ترى الشاعرة غزالة الحريزي /أن كتابة القصائد من الصعب تأجيل تدوينها

وتضيف “كتبت ذات مرة على حائط صفحتي (لا تؤجل القصيدة حتى الصباح) وذاك إيمانا مني أن اقتناص اللحظة الشعرية مهارة وأن التغاضي عن الإمساك بها او تاجيلها يحيلها الى سيرورة الضياع حيث تفقدها ولا يمكن ولادة نص او ومضة من نص من تلك اللحظة الهاربة ،بالفعل كأن القصيدة حصان يركض او كأنها ولادة فان جاءها المخاض كن قابلة بين يديها وافرش اوراقك لتدوين حدث اسمه نص ولد لتوه ولم اؤخره ، القصائد التي لم ندونها أنها ياصديقتي تتكوم في العقل الباطن وتصير مائدة لقصيدة جديدة تولد قرب حدث جديد يمر من هنا..كلما كنا مهرة في اقتناصه ..”

في حين تؤكد الشاعرة الروائية عزة رجب سمهود أن القصائد لاتختبيء اختباء تاما بل هروبها شبه مؤقت “القصائد لا تختبيء اختباء تاماً، إنها تهرب مؤقتاً ، ترقد في سبات هاديء إلى أن يُحركها انفعال ما ، أو يأتيها مخاض فكرة يُخرجها من حالة السكون ، ويدخلها إلى عالم الولادة الفعلية لمفرداتها ، أتفق معك أنَّ الشعر يُصاب بالذعر ويتحول إلى كائن خائف ومنزعج إذا لم نتلقف لحظة ولادته ونحرره من رحم العقل الذي يبثُّ صوره ، حينها تتأجل الحالة الوجدانية ، وتتكاثر عليها عوامل أخرى قد تقتل النَّص الشعري فلا يُولد ، وقد تمنح هذه الولادة المتأجلة مزيدا من الزخم فيأتي مكتملاً” …

يشير الشاعر مفتاح العلواني أن الشعرُ مسوّدة الشاعر ومفكرته التي يحتفظ بها داخل روحه

ويستأنف رأيه “وربما كان الشعر في كثير من الأحيان مخبأً مناسباً للشعراء الهاربين من ناب الواقع.. لذلك يرسمون لأنفسهم ممراتٍ صوب براحاتٍ أجمل وملكوت أرحب ولو بذروا خيالهم تبذيراً.

الشعراء ولو لم يقرّ البعض منهم بذلك يلعقون أوجاعهم بقصائدهم كما قطط مجروحة.. يتكئ الواحد منهم على كتف الشعر منذ زمن ولا يتأفف هذا الأخير.. وربما غرف الشعر من قلبه أسىً قديماً وأياماً وأناساً زائدون عن الحاجة وقذفهم بعيداً.. هكذا يحاول الشعراء الحياة بشراسةٍ تبدو مثل وداعةٍ على محياهم.

الشعر نراه في كل شيء.. حتى في وجه القبح.. حيث يصبح وجهه مدعاةً لمدح الجمال.. الشعر في زوايا الأيام.. في الهواء وتحت التراب.. الشعر في نملةٍ تجرّ حبة قمحٍ عبر وادٍ فسيح.. في الرشفةِ الأخيرة من فنجانك المكسور.. الشعر أيضاً في شجرةٍ يتيمةٍ على قارعة الطريق تنتظر من يقلّها للغابة منذ زمن.. إنه في كل شيء.. لكن الشعراء.. الشعراء فقط من يجعلونه بجناحين أو ينحتونه من طين أرواحهم قبل أن يتلاشى.. وبعضهم يدسّه فقط للحظة المناسبة ثم ينثره شذراً في المرابع.. من أجل يظل الشعر مقاتلاً ولا يفر رغم استعجال اللحظة.”

ترى الشاعرة منيرة نصيب من طبرق أن القصائد التي لا نرديها تظل تلاحقنا كأطياف لا ننجو منها أبدا “نعم قد يكون الشعر كذلك لكنه أيضا , شيء ملموس ومحسوس إذ لم نتمكن من لمسه وشمه وحتى مسكه قبل البوح به , فكل ما نقوله كلام فارغ .. إذ لأبد أن يشعر القارئ بنفس الشعور الذي تكبدته ساعة وضعه على الورق .. أما عني ” لا أحب أن أبادر بكتابة القصيدة أبدا , دائما أجلس وأنتظر القصيدة التي تسكبني حبرا على ورق “

فالشعر حين يأتيني , يأتيني بغزارة كالمطر لن يتوقف .. ربما يؤجل أنسكابها لكنها تسكبني أخيراً حبراً على ورق , حتى لو كان الورق مجرد محارم حمام “

الشاعر الناقد رامز النويصري

أين تختبئ القصائد؟ علمياً ما يخطر في الدماغ من معلومات ومعارف، وخاصة ما يبتكره الفكر، يبقى في العقل أو المخ، المسألة في طريقة إعادة طلبه، بسبب التشويش الكبير، بالتالي القصائد التي لم ندونها باقية في مكان ما بأدمغتنا!!

أما شعرياً، فالنصوص التي لم ندونها والأشعار التي لم نسجلها على دفاترنا، لسبب ما، تبقى في ركن بالذاكرة، إما تكون نشطة فتقفز منه في أول فرصة، ، حتى تذوي، لتعود متشكلة في صورة أخرى ونص آخر، هذا ما أعتقده وأؤمن به، ففي مرحلة مبكرة من تجربتي الشعري كنت أحمل دفترا وقلما بشكل دائم لكتابة خواطري الشعرية مباشرة، لكني بالتجربة ذاتها اكتشفت، أن الخواطر النشطة والفعالة، تعود النشاط، بالتالي لا خوف من عدم كتابتها مباشرة.

الشعر كائن شجاع، لكنه حساس، يحب من يوقره ويهتم به، وإلا ترك صاحبه، بالتالي من يتعالى على النص يخذله، ويتركه، فتكون نصوصه جوفاء وإن كانت مبهرة شكلاً.

اللحظة مهمة في النص، خاصة لو كان النص مرتبطاً بحادثة أو حدث، بالتالي المواكبة اللحظية والتوثيق يفيد النص كثيراً من ناحية الاشتغال، الذي إن طال أمده فإن النص سيفقد ما يربطه بالحدث، بمعنى أن تبرد العلاقة وتفتر!!!

الشاعر الفنان التشكيلي ناصر المقرحي

. فيما يتعلق بي . القصائد التي أتأخر في تدوينها تذهب إلى غير رجعة وتكون الحسرة على فقدانها كبيرة . . ذلك أن الشعر . . هذا الكائن المباغث النزق الذي يستغل عنصر المفاجأة ليترك الشاعر مرتبكا مشوشا أحيانا . لا يعترف بالإعداد والتهيئة وليس لديه دوام رسمي وإنما يأتي وقتما يشاء ويذهب وقت ما يشاء ولا يهمهه ان اقتنصه الشاعر أم لم يقتنصه والمهم لديه هو أن يتجلى في اللحظة التي يختارها . وفيما يتعلق بي . أحيانا يفاجئني الشعر دون أن أكون مستعدا لكتابته . وأذكر أنني كنت مرة أمارس رياضة الجري حين أتى الشعر على حين غرة وكان لابد من أن أدون ما تشكل من مقاطع في الوقت الذي لم يكن فيه لدي أية وسيلة للتدوين لا أقلام ولا أوراق . فما كان مني إلا أن أخربش الشعر أو بدايات القصيدة على حجارة مسطحة بقطعة حديدية تشبه المسمار . وكثيرا ما لجأت إلى شاشة الهاتف لكتابة الشعر المباغت . وحدث ذات مرة أن فاجأني الشعر وأنا أقود السيارة في الطريق السريع فأوعزت إلى أبني بالتقاط الورقة والقلم ليقوم بتدوين ما أمليه عليه من شعر . هذا بعضا من حكايتي مع الشعر الذي نجد أنفسنا مذعنين له مهما اشتط في نزقه وتمادى في تيهه ودلاله . فلا تقل للشعر إنني مشغول إذا ما جاءك يسعى وهيى له من وقتك متسعا وأكرمه بما يليق بعذوبته وأفرد له في قلبك متكأ . لئلا يغادرك . أظهر له بعض الخضوع والتذلل وتقبل غروره . وأذعن لشروطه . وحتى ترتشف عسله . ينبعي أن تتحلى بالشغف فيما يخصه .

الشاعر محمد عبدالله

القصيدة فكرة والفكرة لا تختبيء ابدا هي محتالة وتجيد المرواغة بحيث تعيد خلق نفسها لتصبح بهيئة أخرى برغم أنها ذات الفكرة ! وهذا لاغراء الشاعر على كتابتها ..إذن الفكرة ستكتب مهما حاول الشاعر تجاهلها ،ولكن تأتي بهيئة أخرى…الفكرة تنتصر دائما .

الشعر وكما قلت في إجابتي السابقة فكرة ..وقد تأتي هذه الفكرة على ذئب ، تظنه قد هرب من صرختك الأولى و فر ، لكنه ومن حيث لا تدري سيأتي مرة أخرى بشكل اخر دون أن يفزعك سيأتي حمل وديع لطيف وهنا ستقع فى فخه لتجد نفسك أنت الفريسة .

الشاعرة حنان محفوظ

“القصائد هي كائن كالظل ولكنه لا يراه أحد سوى الشعراء انه يختبى في عيوننا مع دمعنا في بريق ابتساماتنا بين ثنايا ثيابنا يختلط مع حروفنا في الهمس والصدق والبوح

الشعر يختبى وراء تجاربنا وانفعالاتنا وعند اول موقف يظهر جليا للعيون

هذا الكائن المرهف الرقيق الناعم لا يمكن أن يكون مذعورا منا ولا فينا فقط هو كائن غيور جدا لا يحب أن نهمله ولابد من اقتناصه من الوهلة الأولى لظهوره”

مقالات ذات علاقة

كاتبات عربيات: نرفض التجني على نصوصنا الأنثوية

خلود الفلاح

البيت الأزرق يبدأ في تقديم قراءات مسرحية

المشرف العام

المثقف العربي والتخبّط في دائرة مغلقة !

مهند سليمان

اترك تعليق