من أعمال التشكيلي صلاح غيث.
قصة

سيارة المصرف

إبراهيم دنقو

من أعمال التشكيلي صلاح غيث.
من أعمال التشكيلي صلاح غيث.
الصورة: عن الفيسبوك.

 

يجلس الحاج عبدالله القرفصاء علي طرف الجدول الترابي، الشمس تنحدر رويداً إلي مهدها. صوت مضخة الديزل يمزق الصمت بطقطقتها الرتيبة، حبيبات العرق تتلألأ علي وجهه المتغضن.

يحك مؤخرة رأسه فتنسدل قبعته البيضاء المتسخة علي جبهته، عيناه الغائرتان تراقب الماء في جدول البصل، بينما تحترق سيجارة الرياضي بين أصابع يده الرفيعة، تتزاحم الهموم بلا نظام في رأسه الاصلع، موعد تسديد قسط القرض الزراعي قد مضي، كيف سيواجه موظفي المصرف القادمون للجباية؟، بسيارتهم الكروزر التي تشبه سيارته.

تتوقف طقطقة المضخة، يخوص المكان في صمتٍ مريب، ينزل إلي غرفة المضخة الضيقة ذات الدرج المحفور في الأرض، يعيد تشغيل المضخة، يشعل سيجارة أخري، يمتزج دخانها مع دخان مضخة الديزل، يصعد الدرج بتأن، أشعة الشمس البرتقالية تحجب عنه الرؤية فيضلل عيناه بيده اليمني، شيئا ما يبرز بين سيقان القصب، أزرق اللون مع شريط أبيض في المنتصف، ترتعد فرائصه، يخفض رأسه، يمد رقبته الي الامام، إنها سيارة المصرف بلا أدني شك، يتسلل بين الجداول كقط، يركب أول سيارة مارة، يسأله صاحب السيارة، وين سيارتك يا حاج، يضرب جبهته، يزم شفتاه مصدرا صوتا ينم علي الحسرة المفاجئة كانت تلك سيارته التي أخرجها من الورشة اليوم، يلعن المصرف ومضخة الديزل، يحك مؤخرة رأسه، ويشعل سيجارة أخري لتتزاحم همومه مرة اخري.

مقالات ذات علاقة

عندما اشتعل الرأس شيباً

حسين نصيب المالكي

مدمن الجزر

محمد النعاس

النبوءة

اترك تعليق