من أعمال الفنان محمد الشريف.
المقالة

ذاكرة الدم

حصاد العام

قـــد نُدعى يوما للوقوف عند عتبة إحدى اللحظات للاختباء في حاضرها ونبش أحداثها الواقعة في إطار زمني محدد وربما وجدنا في ذلك الدافع لمحاولة رصد ملامح تلك الفترة والتعرف على الجوانب التي هيمنت عليها وفق قراءتنا التي نفترضها .
 
وفي هذا الحيز ربما توقفنا عند العديد من اللحظات التي كانت تعنينا في عام 2006 والتي ارتبط بعضها بأفراحنا وأحزاننا وأخرى بهزائمنا وربما بانتصاراتنا ، منها ما اتصل بقضايانا الخاصة وغيرها بقضايا أكثر عمومية على مختلف الأصعدة .
 
ولا شك في أن ما نفترضه حول المواضيع التي طفت على سطح ذاكرة السنة يستند على الكثير من الشواهد والأحداث التي وقعت طيلة أيام العام مما قد يدفعنا للالتفات لبعضها قبل نفض غبار السنة والتفرغ لصلوات السنة الجديدة عساها تجد في همساتنا ما يكفي لتحقيق أحلامنا .
 
فأولاً لم تشهد السنة أي إضافة جديدة على مستوى قضية بات الحديث عنها يمثل إحدى أشكال الخطاب الكلاسيكي والتي اكتفت بكفاية الماغوط وساهمت بفاعلية في إيقاف مشروع درويش الشعري بعد حضورها لمراسم تعميده وذلك قبل أن تصم آذانها عن هلوسات سميح وغيره ( بعد انتهاء الـ90 دقيقة ) .
 
ولم يشفع للكوفة تاريخ أسلافها عند السيد الأمريكي لتستمر المجزرة العراقية في الإنتاج معلنة عن ولادة اتحاد عظيم بين دماء العراقيين ودماء الجنود الأمريكيين وسط صيحات العربات الألمانية واليابانية تحت قنابل الفصائل المقاومة وكان أكبر الخاسرين (( شركات التقسيط ومكاتب تأجير السيارات ) .
 
إلا أن صوت العدل لم يقبع في صمته وخرج لنا عبر متابعة لا تنسى لأحداث حية شملت مشاهد من محاكمة ( صدام لير ) والحق أن المحكمة لم تسمح بإهدار دم الملك وأصرت على المحافظة عليه وكان لها ما أرادت فحافظت عليه وإلى الأبد ( والحبل عالجرار ) .
 
 
 
أما عن دماء الصحفيين في العالم فإنها حققت أرقاماً كبيرة وغير مسبوقة منذ عام 1994 كما جاء في إحصائية قدمتها منظمة (صحفيون بلا حدود ) والتي وصلت إلى 81 صحفياً مقابل آخرين ينتظرون في صالات السجون ” المعلومة والمجهولة “….. ( ولازال سامي الحاج ينتظر نتائج التصويت ) .
 
وفي لبنان انتصر العرب أخيراً ” هكذا قيل ” وذلك بعد أن شهدت مدن الجنوب عودة الاشتباكات مع أعداء الإسلام وحقق ” نصر الله ” انتصاراً كبيراً رغم المجازر التي اعتادت عليها مدن الجنوب ، ووصلت الفتوحات هذه المرة إلى أبعد من مزارع شبعا لنستمتع أخيراً باستنشاق روائح دماء ( الكفار ) لعنهم الله ….. ( وهذا قليل من كثير ).
 
دماء …..دماء …..دماء …….
 
ربما اتهمنا البعض بالتشاؤم إلا أن روائح الدماء انتشرت بجدارة في ذاكرة 2006 ، حتى أن هذه السنة التي اعتقدنا بأنها نالت الحظوة بين زميلاتها الأربع في تنظيم كأس العالم هددت بنهاية دامية حين حاول العربي الثائر زيدان ضرب مترادزي في مباراة النهائي إلا أنها …. ( جاءت سليمة ) .
 
وأخيراً دونت سنة 2006 خاتمة ملحمتها بأنامل تعي جيداً قواعد الكتابة الحديثة حين عبرت لنا عن مواكبة احتفالات المعتقدين بأعياد الميلاد وأعياد الأضحى و لترسم لنا كرنفالاً دموياً رائعاً تسنى لنا عبره أخيراً مراقبة كؤوس النبيذ الأحمر تقرع على موائد الشواء الحلال بينما انشغل المشرفون على تنظيم مباريات مصارعة الثيران بالإعداد للدورة الدموية القادمة بعد ما حققته البطولة من إنجازات في سنة 2006 ( وبكرة أحلى )   .

مقالات ذات علاقة

ألوانٌ من الأدب

المشرف العام

حيّ على الثقافة

رشاد علوه

أوجاع نفسانية على ما يجري في طربلس وبنغازي  

محمد علي المبروك

اترك تعليق