الحكاية نوع من الأنواع الأدبية السردية، وقد حققت شيوعاً وانتشاراً ولاقت قبولاً من جانب المتلقي، لوضوح وتعدد مضامينها وسرعة وسهولة تداولها. والحكاية غالبا ما تستند لوقائع حدثت بالفعل واكتسبت نوعاً من البطولة أو انها تكون خيالية، لكنها تعكس حالة واقعاً معاشاً والهدف من سردها التنبيه لهذه الحالة، أو دعوة صريحة أو ضمنية لتغيير هذا الواقع، ومن جانب أخر قد تساهم هذه الحكاية إذا قدمت على النحو الذي يرغبه المتلقي وتلعب دور كبير في توفير حلول لمشاكل قد تعترضه.
ومن أشهر من كتب الحكايات، الروسي نيكولا جوجيل، والامريكي أدجار الان بو، والأرجنتيني بورخيس، والإيطالي البرتو مورافيا، والمصري نجيب محفوظ، وتطول القائمة لتشمل خليفة الفاخري والصادق النيهوم، ومن الممكن جداً أضافة أسم الكاتب الليبي أبراهيم حميدان ليأخذ مكانه باقتدار وبكل استحقاق ضمن هذه القائمة الطويلة.
ومعظم حكايات الكاتب ابراهيم حميدان التي ينشرها على صفحته الشخصية في براح الفيسبوك الواسع، أحرص دائما على نقلها بعناية لملف “وورد”، وأحتفظ بها عندي، واعيد قراتها أكثر من مرة، وفي كل مرة أكتشف جديدا ممتعا ومميزا في حكاياته. أبراهيم حميدان كاتب ذكي، أستغل بنية طيبة شبكة الانترنت لينشر عبرها حكاياته بكل سهولة ويسر، محاكيا ومواكبا لسرعة هذه الشبكة وتطورها الدائم، ليحكي في كل مرة حكاية مختلفة، ببساطة متناهية ويركز بشكل محترف على اللحظة الراهنة فيحيط بكل أبعاد هذه اللحظة ويثريها بأسلوبه الجميل يقدمها بكل احترام منه للقاري الشغوف على منشور له بصفحته الشخصية على الفيسبوك أو في أحد المواقع والتدوينات، ليتحول هذا المنشور الدي نشر حكايته إلى صفحة في كتاب حميدان الكبير المليء بالحكايات المهمة التي تؤرخ وبنزاهة للحالة الليبية المعاصرة بكل تفاصيلها المتحولة وجمالها وصدقها وتناقضاتها، ولتتحول بذلك حكايات حميدان إلى مرأة نظيفة ناصعة البياض تعكس بعض ما يحدث في البلاد فيطل من خلالها عبر نوافذ مشرعة الليبي البعيد عن بلاده، ويقرأ الذي يعيش فيها حكايات حميدان فيحس يقينا وصدقا انه بطل بعضها وأنها تمثله وتعني له الكثير لان أبراهيم حميدان قناص يقبض على اللحظة ويحولها إلى حكاية في سطور معدودة، ويقدمها للقاري تنبض بالحياة وتشع بالحقيقة، رغم أنه قتلها مراجعة وتمحيصا وتدقيقا، قبل أن يقدمها كاملة غير منقوصة لان حميدان يحترم من يقرأ له بشكل عجيب، ولا يتردد في الاعتذار بشدة عن أي هنة أو خطأ مطبعي أو تقصير، بل يمنح لمن يحب حكاياته الحرية كاملة في أن ينتقد أو ينقص أو يزيد من قيمة حكايته.
أقرأو حكايات أبراهيم حميدان فهي تحكي عنكم وعني وعن وطن يتشبث به أبراهيم ويخاف عليه، فيدافع عنه ولو بحكاية، فتتحول هذه الحكاية إلى أداة مهمة وفاعلة يحملها بكل شهامة فارس الحكايات الليبية ابراهيم الصادق حميدان.