المقالة

صوت جديد

فرج المذبل - محمد حسن - إبراهيم أشرف
فرج المذبل – محمد حسن – إبراهيم أشرف

الشمس تغرب في مصيف “جليانة”، تتلون السماء باللون النحاسي، ثمة ثلاثة أشباح تغوص أقدامهم في الرمال الدافئة، تداعبهم الأمواج بحنان، مد وجزر، تباعد واقتراب، عاد الأصدقاء إلى “الشاليه”،  أمضى الشاعر “فرج المذبل” الساعات الأخيرة في تقويم عمله الغنائي القادم وتطويع ما تمرد من كلمات، كان يستبدل الأبيات ويطوعها بينما قلبه يتراقص من شدة الفرح لاكتمال الرؤية، أما أنت المطرب “محمد حسن” فكنت تسير تارة وتارة تتوقف لالتقاط حفنة من الرمل المبلول وتبعثره في الفضاء الممتد أمامك أو تسربه من بين أناملك ببطء، إبراهيم أشرف كان في صراع مع أفكاره، يحاول تطويع لحناً للعمل الغنائي الجديد، الثلاثة وصلوا إلى المبنى البحري الصغير في الشاليه، خلف المبنى الصغير كوخاً يستأجره رواد المصيف ليوم أو عدة أيام، أمام المبنى بحر جليانة الممتد إلى ما لانهاية.

على أرضية أحدى الغرف صفت الوسائد والأغطية والمفارش مختلفة الألوان والأحجام في عدم تناسق مميت، آلة العود الموسيقية ملقاة بإهمال على أحد الوسائد، دفاتر تدوين صغيرة، ترفرف أوراقها بين الأغطية، فوضى محببة إلى النفس تهيمن على المكان، ذهب أحد الأصدقاء إلى المطبخ لإعداد وجبة العشاء.

بدأ “إبراهيم أشرف” مشغولاً بدوزنة أوتار العود، كان “فرج المذبل” يقرأ قصيدته الغنائية الجديدة على الملأ وأنت ترمق البحر بعينين شاخصتين، أحببت اللحن والكلمات، تمنيت في قرارة نفسك أن تغني هذا العمل، كانوا جلوساً على المساند والوسائد إلا أنت، واقفاً تتأمل البحر في جوف الليل، لقد كنت نائياً بشكل ما عن الرفاق، كان ضوء المصباح الوحيد ينوس ناعساً بخيوط ضوئية صفراء تملأ أركان الغرفة، يرتعش ضوء المصباح جاذباً بعض الحشرات الصغيرة، فيما أنخرط بعض الأصدقاء في مناقشة بعض القضايا الوطن الراهنة في تلك الحقبة الزمنية، لعلك تحب البحر، هو الملاذ الآمن من جفاف الحياة، لعلك تعشق هذا البراح الأزرق الممتد، تسرب لحن أبراهيم أشرف من بين أنامله وهي تعانق الأوتار، لكنك تنصت إلى كل شيء، بدأت شلة الأصدقاء تغني اللحن الجديد:

في عمري أغلى ميعاد *** وين نلقاك ترجاني

تاخذني عيونك لبلاد *** مليانة أماني.

عارف مواعيدي *** يا ابتسامة عيدي.

يا أحلى ميعاد.

 وجدت نفسك تغني واقفاً، تنبه ملحن العمل لصوتك الندي، وصديقك المقرب الشاعر الغنائي “فرج المذبل” يبتسم وينظر إليك في مودة، سعيداً، الموسيقى والغناء شغف يسري في شرايينك والعروق، حاجة ماسة، ضرورية بالنسبة إليك وليس مجرد ترف زائد، يصفق الجميع دهشة واعجاباً وطرباً بولادة الصوت الجديد.

مقالات ذات علاقة

مخالب الماء

عبدالسلام العجيلي

جنوب.. جنوب

جمعة بوكليب

أحلام وإبراهيم الكوني*

المشرف العام

اترك تعليق